أضلّوا بضمير الذّكور ، لأن الشياطين من مذكّر من يعقل ، وإن أنّث إتباعا لأظللن وأقللن.
وكذا قوله في حديث المواقيت : «.. هنّ لهن» (١) أصله لهم أي لأهل ذي الحليفة (٢) وما ذكر معها ، وإنما قيل : لهن إتباعا لقوله : هن.
ـ ومنه : إتباع اليزيد للوليد في إدخال اللّام عليه وهو علم في قول الشاعر : [الطويل]
٢ ـ رأيت الوليد بن اليزيد مباركا |
|
[شديدا بأعباء الخلافة كاهله] |
قال ابن جرير : «حسن دخول اللّام في اليزيد لإتباع الوليد» (٤). وقال ابن يعيش في (شرح المفصل) (٥) : لمّا كثر إجراء (ابن) صفة على ما قبله من الأعلام إذا كان مضافا إلى علم أو ما يجري مجرى الأعلام من الكنى والألقاب ، فلما كان ابن لا ينفكّ من أن يكون مضافا إلى أبّ وأمّ وكثر استعماله ، استجازوا فيه من التخفيف ما لم يستجيزوه مع غيره ، فحذفوا ألف الوصل من ابن لأنه لا ينوى فصله مما قبله ، إذ كانت الصفة والموصوف عندهم مضارعة للصلة والموصول من وجوه ، وحذفوا تنوين الموصوف أيضا ، كأنهم جعلوا الاسمين اسما واحدا لكثرة الاستعمال ، وأتبعوا حركة الاسم الأول حركة الاسم الثاني ، ولذلك شبّهه سيبويه (٦) بامرئ وابنم في كون حركة الراء تابعة لحركة الهمزة ، وحركة النون في (ابنم) تابعة لحركة الميم ، فإذا قلت : هذا زيد بن عمرو وهند ابنة عاصم ، فهذا مبتدأ وزيد الخبر وما بعده نعته ، وضمّة زيد ضمّة إتباع لا ضمّة إعراب ، لأنك عقدت الصفة والموصوف وجعلتهما اسما واحدا
__________________
(١) أخرجه مسلم في صحيحه (٤ / ٥).
(٢) الحليفة : قرية بينها وبين المدينة ستة أميال أو سبعة. انظر معجم البلدان (٢ / ٢٩٥).
٢ ـ الشاهد لابن ميّادة في ديوانه (١٩٢) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٢٦) ، والدرر (١ / ٨٧) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٤٥١) ، وشرح شواهد الشافية (ص ١٢) ، وشرح شواهد المغني (١ / ١٦٤) ، ولسان العرب (زيد) ، والمقاصد النحوية (١ / ٢١٨) ، ولجرير في لسان العرب (وسع) ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (١ / ٣٢٢) ، والإنصاف (١ / ٣١٧) ، وأوضح المسالك (١ / ٧٣) ، وخزانة الأدب (٧ / ٢٤٧) ، وشرح شافية ابن الحاجب (١ / ٣٦) ، وشرح قطر الندى (ص ٥٣).
(٣) انظر تفسير الطبري (١١ / ٥١١).
(٤) انظر شرح المفصل (٢ / ٥).
(٥) انظر الكتاب (٤ / ٢٦٢).