والمظهر فرع عليه في ذلك ، لأنه إنما هو متأصل في الإعراب لا في البناء ، فإذا بدهتك هذه المواضع فتعاظمتك فلا تجتمع لها ولا تعط باليد مع أول ورودها وتأنّ لها ولاطف بالصنعة ما يورده الخصم منها مناظرا كان أو خاطرا ، انتهى.
تشبيه الأصل بالفرع : وقال في باب غلبة الفروع على الأصول (١) : قد شبه النحاة الأصل بالفرع في المعنى الذي أفاده ذلك الأصل ، ألا ترى أن سيبويه أجاز في قولك : هذا الحسن الوجه ، أن يكون الجرّ في الوجه من موضعين ، أحدهما : الإضافة ، والآخر : تشبيهه بالضارب الرجل ، الذي إنما جاز فيه الجرّ تشبيها له بالحسن الوجه ، وذلك أن العرب إذا شبهت شيئا بشيء مكنت ذلك الشبه لهما وعمرت به وجه الحال بينهما ، ألا تراهم لما شبهوا الفعل المضارع بالاسم فأعربوه ، تمموا ذلك المعنى بينهما بأن شبهوا اسم الفاعل بالفعل فأعملوه ، وكذلك شبهوا الوقف في نحو قولهم : عليه السّلام والرحمت ، وشبهوا الوصل بالوقف في نحو قولهم : ثلثهربعة ، وفي قولهم : سب سبا ، وكل كلا ، وأجروا غير اللازم مجرى اللازم في قولهم : (لحمروري) وهو الله ، وهي التي فعلت وقوله : [البسيط]
١٤٩ ـ [فقمت للطيف مرتاعا وأرّقني] |
|
فقلت أهي سرت أم عادني حلم |
وقوله (٣) :
ومن يتّق فإن الله معه |
|
[ورزق مؤتاب وغادي] |
أجرى (تق ف) مجرى (علم) حتى صار (تقف) كعلم ، وأجروا اللازم مجرى غير اللازم في قوله تعالى : (أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) [القيامة : ٤٠] ، فأجرى النصب مجرى الرفع الذي لا تلزم فيه الحركة ومجرى الجزم الذي لا يلزم فيه الحرف أصلا وهو كثير ، وحمل النصب على الجر في التثنية والجمع ، وحمل الجر على النصب فيما لا ينصرف ، وشبهت الياء بالألف في قوله (٤) : [الرجز]
كأن أيديهن بالقاع القرق
__________________
(١) انظر الخصائص (١ / ٣٠٠).
١٤٩ ـ الشاهد لزياد بن منقذ في خزانة الأدب (٥ / ٢٤٤) ، والدرر (١ / ١٩٠) ، وشرح التصريح (٢ / ١٤٣) ، وشرح شواهد الشافية (ص ١٩٠) ، وشرح شواهد المغني (١ / ١٣٤) ، ومعجم البلدان (أملح) ، والمقاصد النحوية (١ / ٢٥٩) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (١ / ٤٥٦) ، والخصائص (١ / ٣٠٥) ، وشرح المفصّل (٩ / ١٣٩) ، ولسان العرب (هيا) ، ومغني اللبيب (١ / ٤١) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٣٢).
(٢) مرّ تخريجه رقم (١٠٣).
(٣) مرّ الشاهد رقم (٦٢).