ثم أعادوا الهاء أقروا الفتحة بحالها اعتبارا للفتحة في الميم ، وإن كان الحذف فرعا ، وكذلك قولهم اجتمعت أهل اليمامة ، أصله اجتمع أهل اليمامة ، ثم حذف المضاف فأنث الفعل فصار اجتمعت اليمامة ، ثم أعيد المحذوف فأقرّ التأنيث الذي هو الفرع بحاله ، فقيل اجتمعت أهل اليمامة الإعراب في الآحاد بالحركات وفي غيرها بالحروف : قال : ومن غلبة الفروع للأصول إعرابهم في الآحاد بالحركات وفي التثنية والجمع بالحروف ، فأما ما جاء في الواحد من ذلك نحو : (أخوك وأباك وهنيك) فإن أبا بكر ذهب فيه إلى أن العرب قدمت منه هذا القدر توطئة لما أجمعوا من الإعراب في الجمع والتثنية بالحروف وهذا أيضا نحو آخر من حمل الأصل على الفرع ، ألا تراهم أعربوا بعض الآحاد بالحروف حملا له على ذلك في التثنية والجمع.
فأما قولهم : أنت تفعلين ، فإنهم إنما أعربوا بالحروف ، وإن كان في رتبة الآحاد والأول من حيث كان قد صار بالتأنيث إلى حكم الفرعية ، ومعلوم أن الحرف أقوى من الحركة فقد ترى إلى علم إعراب الواحد أضعف لفظا من إعراب ما فوقه ، فصار لذلك الأقوى كأنه الأصل والأضعف كأنه الفرع ، ومن ذلك حذفهم الأصل لشبهه عندهم بالفرع ، ألا تراهم لما حذفوا الحركات ونحن نعلم أنها زوائد في نحو : لم يذهب ، تجاوزوا ذلك إلى أن حذفوا للجزم أيضا الحروف الأصول ، فقالوا : لم يخش ، ولم يرم ، ولم يغز.
ومن ذلك أيضا أنهم حذفوا ألف معزى ومدعى في النسب فأجازوا معزيّ ومدعيّ فحملوا الألف هنا وهي لام على الألف الزائد في نحو : حبلى وسكرى.
حذف ياء تحية : ومن ذلك حذفهم ياء (تحية) وإن كانت أصلا ، حملا لها على ياء (شقية) وإن كانت زائدة ، فقالوا تحويّ كما قالوا شقويّ ، وحذفوا النون الأصلية في قوله : [الطويل]
١٥٣ ـ [فلست بآتيه ولا أستطيعه] |
|
ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل |
__________________
١٥٣ ـ الشاهد للنجاشي الحارثي في ديوانه (ص ١١١) ، والأزهيّة (ص ٢٩٦) ، وخزانة الأدب (١٠ / ٤١٨) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٩٥) ، والكتاب (١ / ٥٥) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٦) وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٠١) ، والمنصف (٢ / ٢٢٩) ، وبلا نسبة في الإنصاف (٢ / ٦٨٤) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٦٩) ، والجنى الداني (ص ٥٩٢) ، وخزانة الأدب (٥ / ٢٦٥) ، ورصف المباني (ص ٢٧٧) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٤٤٠) ، وشرح الأشموني (١ / ١٣٦) ، وشرح المفصّل (٩ / ١٤٢) ، واللامات (ص ١٥٩) ، ولسان العرب (لكن) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٩١) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٥٦).