الصناعة) (١). وكذلك قولهم : أفعلة آثر أما ، أي أول شيء ، فما زائدة لا يجوز حذفها وكذلك الألف واللام في الآن زائدة في القول المشهور مع لزومها ، وكذلك الألف واللام في الذي والتي ، وما في مهما ، وأن في خبر عسى ، قال بعضهم : إنها زائدة ، وهي لازمة وحينئذ لا تتقدر بالمصدر ويزول إشكال كيف يقع الخبر مصدرا عن الجثة في قولك : عسى زيد أن يقوم ، حتى احتاج أبو علي إلى تأويله في (القصريات) بحذف المضاف أي : عسى زيد ذا القيام ، انتهى.
السادسة : قال ابن يعيش (٢) : إنما جاز أن تكون حروف النفي صلة للتأكيد ، لأنه بمنزلة نفي النقيض في نحو قولك : ما جاءني إلا زيد ، فهو إثبات قد نفي فيه النقيض وحقق المجيء لزيد ، وكذلك قول العجاج : [الرجز]
١٦٩ ـ في بئر لا حور سرى وما شعر
المراد : في بئر حور و (لا) مزيدة. وقالوا : ما جاءني زيد ولا عمرو ، فالواو هي التي جمعت بين الثاني والأول في نفي المجيء ، و (لا) حققت النفي وأكدته ، ألا ترى أنك لو أسقطت (لا) فقلت : ما جاءني زيد وعمرو لم يختلف المعنى.
وذهب الرماني (٤) في (شرح الأصول) : إلى أنك إذا قلت ما جاءني زيد وعمرو ، احتمل أن تكون إنما نفيت أن يكونا اجتمعا في المجيء فهذا يفرق بين المحققة والصلة ، فالمحققة تفتقر إلى تقدم والصلة لا تفتقر إلى ذلك ، فمثال الأول قوله تعالى : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) [النساء : ١٣٧] ، فلا هنا المحققة ، وقال : (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ) [فصلت : ٣٤] ، والمعنى ولا تستوي الحسنة والسيئة ، لأن تستوي من الأفعال التي لا تكتفي بفاعل واحد كقولنا : اصطلح واختصم ، وفي الجملة لا تزاد إلا في موضع لا لبس فيه ، انتهى.
السابعة : قال ابن السراج : لا زائد في كلام العرب ، لأن كل ما يحكم بزيادته
__________________
(١) انظر سرّ صناعة الإعراب (١ / ٢٦٢).
(٢) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٣٦).
١٦٩ ـ الرجز للعجاج في ديوانه (٢٠) ، والأزهيّة (ص ١٥٤) ، وخزانة الأدب (٤ / ٥١) ، وشرح المفصّل (٨ / ١٣٦) ، وتاج العروس (حور) ، وتهذيب اللغة (٥ / ٢٢٨) ، وبلا نسبة في لسان العرب (حور) ، و (غير) ، وخزانة الأدب (١١ / ٢٢٤) ، والخصائص (٢ / ٤٧٧) ، وجمهرة اللغة (ص ٥٢٥).
(٣) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٣٧).