وقال الرضي (١) : فائدة الحرف الزائد في كلام العرب إما معنويد وإما لفظية ، فالمعنوية تأكيد المعنى كما في (من) الاستغراقية ، والباء في خبر ليس و (ما).
فإن قيل : فيجب أن لا تكون زائدة إذا أفادت فائدة معنوية.
قيل : إنما سميت زائدة لأنها لا يتغير بها أصل المعنى ، بل لا يزيد بسببها إلا تأكيد المعنى الثابت وتقويته ، فكأنها لم تفد شيئا لما لم تغاير فائدتها العارضة الفائدة الحاصلة قبلها.
ويلزمهم أن يعدوا على هذا (إنّ) و (لام) الابتداء و (ألفاظ التأكيد) أسماء كانت أولا زوائد ولم يقولوا به ، وبعض الزوائد يعمل كالباء ومن الزائدتين لا يعمل نحو : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ) [آل عمران : ١٥٩].
وأما الفائدة اللفظية فهي تزيين اللفظ وكونه بزيادتها أفصح أو كون الكلمة أو الكلام بسببها مهيئا لاستقامة وزن الشعر أو حسن السجع أو غير ذلك من الفوائد اللفظية ، ولا يجوز خلوّها من الفوائد اللفظية والمعنوية معا ، وإلا لعدت عبثا ، ولا يجوز ذلك في كلام الفصحاء ولا سيما كلام الباري تعالى وأنبيائه عليهم الصلاة والسّلام.
وقد يجتمع الفائدتان في حرف ، وقد تنفرد إحداهما عن الأخرى ، وإنما سميت أيضا حروف الصلة لأنه يتوصل بها إلى زيادة الفصاحة أو إلى إقامة وزن أو سجع أو غير ذلك.
الرابعة : قال ابن عصفور في شرح (المقرّب) : زيادة الحروف خارجة عن القياس فلا ينبغي أن يقال بها إلا أن يرد بذلك سماع أو قياس مطرد ، كما فعل بالبناء في خبر (ما) و (ليس) ومن ثم لم يقل بزيادة الفاء في خبر المبتدأ لأنه لم يجئ منه إلا ما حكي من كلامهم : أخوك فوجد بل أخوك فجهد وقول الشاعر : [الطويل]
١٦٨ ـ يموت أناس أو يشيب فتاهم |
|
ويحدث ناس والصّغير فيكبر |
الخامسة : قال ابن إياز : من الزوائد ما يلزم ، وذلك نحو الفاء في : خرجت فإذا زيد ، ذهب أبو عثمان إلى أنها زائدة مع لزومها ، واختاره ابن جنّي في (سرّ
__________________
(١) انظر شرح الكافية (٢ / ٣٥٧).
١٦٨ ـ الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٤٦) ، وخزانة الأدب (١١ / ٦١) ، والدرر (٦ / ٨٩) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٦٥٣) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٣١).