فالجواب : أنه لما امتنع منه الغرض الأهم وهو التعريف امتنع الآخر طردا للباب وهذا من قواعدهم.
وقال الأندلسي في شرح المفصل : الموجب لبناء أسماء الإشارة تضمنها معنى الحرف وذلك أن الإشارة معنى كالاستفهام وغيره ، فحقه أن يوضع له حرف ، فلما أدى هذا الاسم هذا المعنى نيابة عن الحرف في ذلك ناسب الحرف فبني ، ويدل على أنه تضمن هذا المعنى أنهم لم يضعوا للإشارة حرفا ، وكان هذا الاسم المسموع مبنيا يفيد معنى الحرف ، فوجب اعتقاد تضمينهم إياه هذا المعنى طردا لأصولهم وإقامة سبب لبنائه.
قال ابن جنّي : بني أولاء لأنه تضمن حرف الإشارة ، لأن الإشارة معنى لم يستعملوا لها حرفا فتضمنها هذا الاسم فبني.
وقال ابن إياز : وأما اسم الإشارة فبني لتضمنه معنى حرف الإشارة إذ الإشارة معنى ، والموضوع لإفادة المعاني الحروف ، فلما أفادت هذه الأسماء الإشارة علم أنها كان القياس يقتضي أن يكون لها حرف فلمّا تضمنت معناه بنيت ، وهذا قول السيرافي.
قال الأصفهاني : فلو قيل : إن ذلك إنما يتصور في أولاء دون هؤلاء لظهور الحرف وهو (ها) لأمكن أن يقال فيه : إن الحرف الذي هو (ها) غير ذلك الذي تضمن معناه وإن هذا زائد ، كما أن الألف واللام في (الأمس) عند من بناه زائدة ، وإن الاسم بني لتضمنه معنى ألف ولام أخرى.