يتوسّع فيها بجعلها فاعلا كما في الزمان ، وإنما كان ذلك لأن ظروف الزمان أشدّ تمكّنا من ظروف المكان.
ـ السادسة : لا يتوسّع في الظرف ، إذا كان عامله حرفا ، أو اسما جامدا بإجماعهم ، لأن التوسّع فيه تشبيه بالمفعول به ، والحرف والجامد لا يعملان في المفعول به (١).
وهل يتوسّع فيه مع كان وأخواتها؟ قال أبو حيان (٢) : يبنى على الخلاف في كان ، أتعمل في الظرف أم لا؟ فإن قلنا لا تعمل فيه فلا توسع ، وإن قلنا تعمل فيه فالذي يقتضيه النظر أنه لا يجوز الاتّساع معها لأنه يكثر المجاز فيها ، لأنها إنما رفعت المبتدأ ونصبت الخبر تشبيها بالفعل المتعدّي إلى واحد فعملنا بالتشبيه وهو مجاز ، فإذا نصبت الظرف اتّساعا كان مجازا أيضا فيكثر المجاز فيمنع منه. ونظير ذلك قولهم : دخلت في الأمر ، لا يجوز حذف (في) لأن هذا الدخول مجاز ، ووصول دخل إلى الظرف بغير وساطة (في) مجاز فلم يجمع عليها مجازان ؛ والذي نصّ عليه ابن عصفور جواز الاتّساع معها كسائر الأفعال.
ويجوز الاتّساع مع الفعل اللازم ومع المتعدّي إلى واحد بلا خلاف. وهل يجوز مع المتعدّي إلى اثنين أو ثلاثة خلاف؟ ذهب الجمهور إلى الجواز ، وصحّح ابن عصفور المنع ، لأنه لم يسمع معهما كما سمع مع الأولين ، قالوا : يوم الجمعة صمته ، وقال : [الطويل]
٥ ـ ويوما شهدناه سليما وعامرا |
|
[قليل سوى الطّعن النّهال نوافله] |
لأنه ليس له أصل يشبه به ، لأنه لا يوجد ما يتعدّى إلى ثلاثة بحقّ الأصل ، وباب أعلم وأرى فرع من علم ورأى ، والحمل إنما يكون على الأصول لا على الفروع.
وصحّح ابن مالك (٤) الجواز مع المتعدّي إلى اثنين ، والمنع مع المتعدي إلى ثلاثة ، لأنه ليس لنا ما يشبه به ، إذ ليس لنا فعل يتعدّى إلى أربعة.
وأجاب الجمهور بأن الاتّساع ليس معتمده التشبيه بدليل جريانه مع اللازم.
__________________
(١ و ٢) انظر همع الهوامع (١ / ٢٠٣).
٥ ـ الشاهد لرجل من بني عامر في الكتاب (١ / ٢٣٥) ، والدرر (٣ / ٩٦) ، وشرح المفصّل (٢ / ٤٦) ، ولسان العرب (جزي) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٧ / ١٨١) ، وشرح ديوان المرزوقي (٨٨) ، والمقتضب (٣ / ١٠٥) ، والمقرّب (١ / ١٤٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٠٣).
(٣) انظر التسهيل (٩٨).