وقال أبو البقاء في (التبيين) : اسم الفاعل والصفة المشبهة إذا جريا على غير من هما له وجب إبراز الضمير فيهما لأنهما فرعان على الفعل في العمل وتحمل الضمير ، وقد انضم إلى ذلك جريانه على غير من هو له ، فقد انضم فرع إلى فرع ، والفرع يقصر عن الأصل ، فيجب أن يبرز الضمير ليظهر أثر القصور ويمتاز الفرع عن الأصل.
وقال (١) ابن يعيش : لا يجوز تقديم خبر إن وأخواتها ولا اسمها عليها ، ولا تقديم الخبر فيها على الاسم ، لكونها فروعا عن الأفعال في العمل فانحطت عن درجة الأفعال.
وقال ابن فلاح في (المغني) : إنما حمل نصب جمع المؤنث السالم على جره مع إمكان دخول النصب فيه لئلا يكون الفرع أوسع مجالا من الأصل ، مع أن الحكمة تقتضي انحطاط الفروع عن رتب الأصول ولأنه يشارك المذكر في التصحيح فشاركه في الإعراب ، والمذكر معرب بحرفين فأعرب هذا بحركتين وخصّ بالحركة لانحطاطه عن رتبة الأصل.
وقال ابن النحاس في (التعليقة) : إنما اختص الجر بالأسماء لأنه لو دخل الأفعال ـ وقد دخلها الرفع والنصب والجزم ، وهي فرع في الإعراب على الأسماء ، لكان الفرع أكثر تصرفا في الإعراب من الأصل ، والفروع أبدا تنحط عن الأصول في التصرف لا تزيد عليها فمنع الجر من الأفعال لذلك.
وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : لما كان جعل (الواو) بمعنى (مع) في المفعول معه فرعا عن كونها عاطفة ، لم يتصرفوا في الاسم الذي بعدها فلم يقدموه على العامل ، وإن كان متصرفا ولا على الفاعل ، لا يقولون : والطيالسة جاء البرد ، ولا جاء والطيالسة البرد ، لأن الفروع لا تحتمل من التصرف ما تحتمله الأصول.
وقال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : إنما لم تعمل (ما) عمل ليس مطلقا بل بالشروط المعروفة ، وهي أن يكون الخبر مؤخرا وأن يكون منفيا ، وأن لا يقع بعد ما (أن) فإن (أن) تكف ما عن العمل كما تكف ما إنّ عن العمل لأنها في الدرجة الثالثة في العمل ، لأن ما مشبهة بليس ، وليس مشبهة بالفعل ، وكل ما هو في الدرجة الثالثة فلا تجده يعمل أبدا إلا مختصا ليفرق بينهما ، ألا ترى أن تاء القسم اختصت باسم الله وإن كانت بدلا من الواو ، والواو تخفض في القسم كل
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ١٠٣).