عين الكلمة ، وياء التصغير ، ولام الكلمة ، فحذفوا إحداها لثقل الجمع بين ثلاث ياءات ، والمحذوفة الأولى ، لأن الثانية للتصغير فلا تحذف ، والثالثة تقع بعدها الألف والألف لا تقع إلا بعد المتحركة ، والألف فيها بدل عن المحذوف ، والتصغير يردّ الأشياء إلى أصولها.
ومن ذلك قولهم في الجمع أخون وأبون ، ولم يردّ المحذوف كما هو القياس فيقال : أخوون وأبوون ، قال الشلوبين : لأنه كان يؤدّي إلى اجتماع ضمّات أو كسرات ، فلما أدى إلى ذلك لم يرد وأجري الجمع على حكم المفرد ، ولما كان هذا المانع مفقودا في التثنية ردّ فقيل : أخوان وأبوان. ومن ذلك قال ابن هشام في تذكرته : الأصل في يا بنيّ (١) : يا بنييّ بثلاث ياءات الأولى ياء التصغير والثانية لام الكلمة والثالثة ياء الإضافة ، فأدغمت ياء التصغير فيما بعدها لأن ما أول المثلين فيه مسكن فلا بد من إدغامه ، وبقيت الثانية غير مدغم فيها ؛ لأن المشدّد لا يدغم لأنه واجب السكون فحذفت الثالثة.
ومنهم من بالغ في التخفيف فحذف الياء الثانية المتحرّكة المدغم فيها وقال يا بني بالسكون كما حذفوها في سيّد وميّت لما قالوا سيد وميت (٢). ومن ذلك قال ابن النحاس في التعليقة : إنما لم تدخل اللام في خبر (إنّ) إذا كان منفيا ؛ لأن غالب حروف النفي أولها لام (لا) و (لم) و (لما) و (لن) فيستثقل اجتماع اللامين ، وطرد الحكم يأتي في باقي حروف النفي.
ومن الثالث : وجوب إظهار (أن) بعد لام كي إذا دخلت على (لا) نحو «لئلا يعلم» حذرا من توالي مثلين لو قيل للا يعلم ، ووجوب إبقاء الياء والواو في النسب إلى نحو شديدة وضرورة ، فيقال شديديّ وضروريّ ، إذ لو حذفت كما هو قاعدة فعيلة وفعولة وقيل : شديدّ وضرريّ لاجتمع مثلان.
ومن كراهة اجتماع الأمثال : حكايتهم المنسوب بـ (من) دون (أي) ، خلافا للأخفش ، لما يؤدّي إليه من اجتماع أربع ياءات فيقال لمن قال : رأيت المكي المكي المني ، وأجاز الأخفش الأيي.
ومن ذلك قال الشّلوبين (في شرح الجزولية) : إنما قدّرت الضمة في جاء القاضي ، وزيد يرمي ويغزو ، والكسرة في مررت بالقاضي لثقلهما في أنفسهما وانضاف
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٥٠٤).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ٥٠٦).