مفتوحا ، وإنما فعلوا ذلك به لكثرته في كلامهم فغيّروا إعرابه كما غيروه ، ذكر ذلك ابن السراج في (الأصول) (١).
قال ابن يعيش : الكلمة إذا كثر استعمالها جاز فيها من التخفيف ما لم يجز في غيرها.
وفي (تذكرة الفارسي) : حكى أبو الحسن والفراء أنهم يقولون : أيش لك ، قال : والقول فيه عندنا أنه : أيّ شيء ، فخفف الهمزة وألقى الحركة على الياء ، فتحركت الياء بالكسرة فكرهت الكسرة فيها فأسكنت فلحقها التنوين فحذفت لالتقاء الساكنين ، كما أنه خفف هو يرم إخوانه ، فحذفت الهمزة ، وطرح حركتها على الياء ، كره تحريكها بالكسرة فأسكنها وحذفها لالتقائها مع الخاء من الإخوان ، فالتنوين في أيش مثل الخاء في إخوانه ، قال : فإن قلت : الاسم يبقى على حرف واحد ، قيل : إذا كان كذلك شيء (فهو) في أيش ، وحسن ذلك أن الإضافة لازمة فصار لزوم الإضافة مشبها له بما في نفس الكلمة حتى حذف منها فقالوا : فيم ، وبم ، ولم ، فكذلك أيش.
وقال الزمخشري في (المفصل) (٢) : في (الذي) ولاستطالتهم إياه بصلته مع كثرة الاستعمال خففوه من غير وجه فقالوا : (اللذ) ، بحذف الياء ، ثم (اللّذ) بحذف الحركة ، ثم حذفوه رأسا واجتزوا بلام التعريف الذي في أوله ، وكذا فعلوا في التي.
وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : إنما بنيت (أين) على الفتح لكثرة الاستعمال ، إذ لو حركت بالكسر على أصل التقاء الساكنين لانضاف ثقل الكسر إلى ثقل الياء التي قبل الآخر وهي مما يكثر استعماله فكان يؤدي ذلك إلى كثرة استعمال الثقيل.
قال : ومما يبيّن لك أنّ كثرة الاستعمال أوجب فتح (أين) أنهم قالوا : (جير) فحرّكوا بالكسر على أصل التقاء الساكنين ، واحتملوا ثقل الكسرة والياء لما كانت قليلة الاستعمال لأنها لا تستعمل إلا في القسم ، وهي مع ذلك من نادر القسم.
قال : وكذلك (ثم) بنيت على الفتح إذ لو حركوها بالكسر على أصل التقاء الساكنين لانضاف ثقل الكسر إلى ثقل التضعيف مع أنّها كثيرة الاستعمال فكان يلزم من ذلك كثرة استعمال الثقيل.
__________________
(١) انظر الأصول (١ / ٥٢٨).
(٢) انظر المفصّل (١٤٣).