وسواء كان الموصوف بتلك الصفة مذكرا أم مؤنثا ، يدلّ على ذلك أن الهاء لو كانت في نحو : امرأة فروقة ، إنما لحقت لأن المرأة مؤنثة لوجب أن تحذف في المذكر ، فيقال : رجل فروق ، كما أن التاء في قائمة وظريفة لما لحقت لتأنيث الموصوف حذفت مع تذكيره في نحو : رجل ظريف وقائم وكريم وهذا واضح.
ونحو من تأنيث هذه الصفة ليعلم أنها بلغت المعنى الذي هو مؤنث أيضا تصحيحهم العين في نحو : حول ، وصيد واعتونوا واجتوروا ،. إيذانا بأن ذلك في معنى ما لا بدّ من تصحيحه ، وهو أحولّ ، وأصيدّ ، وتعاونوا وتجاوروا ، وكما كررت الألفاظ لتكرير المعاني نحو والزلزلة والصلصلة والصرصرة وهو باب واسع.
ومنها : اجتماع المؤنث والمذكر في الصفة المذكرة وذلك نحو رجل خصم ، وامرأة خصم ، ورجل عدل ، وامرأة عدل ، ورجل ضيف ، وامرأة ضيف ، ورجل رضا ، وامرأة رضا ، وكذلك ما فوق الواحد نحو رجلان رضا وعدل ، وقوم رضا ، وعدل ، وقال زهير : [الطويل]
٢٢٥ ـ متى يشتجر قوم يقل سرواتهم |
|
هم بيننا فهم رضا وهم عدل |
وسبب اجتماعهما هنا في هذه الصفة أن التذكير إنما أتاها من قبل المصدرية فإذا قيل : رجل عدل فكأنه وصف بجميع الجنس مبالغة ، كما تقول : استولى على الفضل ، وحاز جميع الرياسة والنبل ، ولم يترك لأحد نصيبا في الكرم والجود ، ونحو ذلك. فوصف بالجنس أجمع تمكينا لهذا الموضع ، وتوكيدا ، وقد ظهر عنهم ما يؤيد هذا المعنى ويشهد به وذلك نحو قوله : [الطويل]
٢٢٦ ـ ألا أصبحت أسماء جاذمة الحبل |
|
وضنّت علينا والضّنين من البخل |
فهذا كقولك : هو مجبول من الكرم ، ومطين من الخير ، وهي مخلوقة من البخل ، وهذا أوفق معنى من أن تحمله على القلب وأنه يريد به والبخل من الضنين لأن فيه من الإعظام والمبالغة ما ليس في القلب. ومنه قوله : [الطويل]
__________________
٢٢٥ ـ الشاهد لزهير في الأضداد (ص ٧٥) ، والخصائص (٢ / ٢٠٢) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٥٠٧) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ٢١٣) ، ولسان العرب (وخلي) ، وبلا نسبة في المحتسب (٢ / ١٠٧).
٢٢٦ ـ الشاهد للبعيث (خداش بن بشر) في لسان العرب (جذم) و (ضنن) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٢٠٢) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٢٢) ، والمحتسب (٢ / ٤٦) ، ومغني اللبيب (١ / ٣١١).