٢٢٧ ـ ... |
|
وهنّ من الإخلاف قبلك والمطل |
وقوله : [الطويل] :
٢٢٨ ـ [لخلّابة العينين كذّابة المنى] |
|
وهنّ من الإخلاف والولعان |
وأقوى التأويلين في قولها (٣) : [البسيط]
[ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت] |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار |
أن تكون من هذا ، أي : كأنها خلقت من الإقبال والإدبار ، لا على أن يكون من باب حذف المضاف أي : ذات إقبال وذات إدبار ، ويكفيك من هذا كله قول الله تعالى : (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ) [الأنبياء : ٣٧] ، وذلك لكثرة فعله إياه واعتياده له ، وهذا أقوى معنى من أن يكون أراد : خلق العجل من الإنسان ، لأنه أمر قد اطرد واتسع فحمله على القلب يبعد في الصنعة ، ويصغر في المعنى ، وكأن هذا الموضع لما خفي على بعضهم قال في تأويله : إن العجل هنا الطين ، ولعمري إنه في اللغة كما ذكر ، غير أنه في هذا الموضع لا يراد به إلا نفس العجلة والسرعة ، ولهذا قال عقبه : (سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) [الأنبياء : ٣٧] ونظيره قوله تعالى : (وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولاً) [الإسراء : ١١] ، (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨] لأن العجلة ضرب من الضعف لما تؤذن به من الضرورة والحاجة ، فلما كان الغرض من قولهم : رجل عدل وامرأة عدل إنما هو إرادة المصدر والجنس جعل الإفراد والتذكير أمارة للمصدر المذكر.
فإن قلت : فإن نفس لفظ المصدر قد جاء مؤنثا ، نحو : الزيارة ، والعيادة ، والضؤولة ، والجهومة ، والمحمية ، والموجدة ، والطلاقة والسباطة ، وهو كثير جدا ، فإذا كان نفس المصدر قد جاء مؤنثا فما هو في معناه ومحمول بالتأويل عليه أحجى بتأنيثه.
قيل : الأصل ـ لقوته ـ أحمل لهذا المعنى من الفرع لضعفه ، وذلك أن الزيارة والعيادة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها ، فلحاق التاء لها لا يخرجها عما ثبت في النفس من مصدريتها ، وليس كذلك الصفة لأنها ليست في الحقيقة مصدرا ،
__________________
٢٢٧ ـ الشاهد للبعيث في اللسان (ولع) ، وشرح أبيات المغني (٥ / ٢٦٦).
٢٢٨ ـ الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (ولع) و (ضنن) ، وتهذيب اللغة (٣ / ١٩٩) ، وتاج العروس (ولع) ، والمخصص (٣ / ٨٦) ، وديوان الأدب (٣ / ٢٥٩).
(١) مرّ الشاهد رقم (٤٠) وهو للخنساء.