وإنما هي متأولة عليه ، ومردودة بالصنعة إليه ، فلو قيل : رجل عدل وامرأة عدلة ـ وقد جرت صفة كما ترى ـ لم يؤمن أن يظن بها أنها صفة حقيقية كصعبة من صعب ، وندبة من ندب ، وفخمة من فخم ، ورطبة من رطب ، فلم يكن فيها من قوة الدلالة على المصدرية ما في نفس المصدر نحو : الجهومة ، والشّهومة ، والطّلاقة ، والخلافة ، فالأصول لقوتها يتصرف فيها والفروع لضعفها يتوقف بها ويقتصر على بعض ما تسوغه القوة لأصولها.
فإن قلت : فقد قالوا : رجل عدل وامرأة عدلة ، وفرس طوعة القياد وقال أميّة : [البسيط]
٢٢٩ ـ والحيّة الحتفة الرقشاء أخرجها |
|
من بيتها آمنات الله والكلم |
قيل : هذا إنما خرج على صورة الصفة ، لأنهم لم يؤثروا أن يبعدوا كل البعد عن أصل الوصف الذي بابه أن يقع للفرق فيه بين مذكره ومؤنثه ، فجرى هذا في حفظ الأصول والتلفت إليها للمباقاة لها والتنبيه عليها مجرى إخراج بعض المعتل على أصله نحو استحوذ ومجرى إعمال صغته وعدته ، وإن كان قد نقل إلى فعلت لما كان أصله فعلت ، وعلى ذلك أنث بعضهم فقال : خصمة وضيفة ، وجمع فقال : [المنسرح]
٢٣٠ ـ يا عين هلّا بكيت أربد إذ |
|
قمنا وقام الخصوم في كبد |
وعليه قول الآخر : [الطويل]
٢٣١ ـ إذا نزل الأضياف كان عذوّرا |
|
على الحيّ حتّى تستقلّ مراجله |
الأضياف هنا بلفظ القلّة ومعناها أيضا ، وليس كقوله (٤) : [الطويل]
[لنا الجفنات الغرّ يلمعن بالضحى] |
|
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما |
في أن المراد بها معنى الكثرة ، وذلك أمدح لأنه إذا قرى الأضياف وهم قليل
__________________
٢٢٩ ـ الشاهد لأمية بن أبي الصلت في ديوانه (ص ٥٧) ، ولسان العرب (حتف) و (عدل) ، وبلا نسبة في الخصائص (١ / ١٥٤).
٢٣٠ ـ الشاهد للبيد في ديوانه (ص ١٦٠) ، وتذكرة النحاة (ص ١١٨) ، والخصائص (٣ / ٣١٨) ، ولسان العرب (كبد) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٢٠٥) ، ولسان العرب (عدل).
٢٣١ ـ الشاهد لزينب بنت الطثرية في لسان العرب (عذر) ، والتنبيه والإيضاح (٢ / ١٦٧) ، وجمهرة اللغة (ص ٦٢) ، وتاج العروس (عدر) ، وبلا نسبة في في لسان العرب (ضيف) و (عدل) و (عذر) ، ومقاييس اللغة (٤ / ٢٥٦) ، ومجمل اللغة (٣ / ٤٦١).
(١) مرّ الشاهد رقم (٣٨).