فيقال : ظلت ومست وأحست ، وهل المحذوف الأول وهو العين أو الثاني وهو اللام؟ قولان أصحهما الأول ، وبه جزم في (التسهيل) (١) ، وقال أبو علي في (الأغفال) (٢) : قد حذف الأول من الحروف المتكررة كما حذف من الثاني وذلك قولهم : ظلت ومست ونحو ذلك.
فإن قيل : ما الدليل على أن المحذوف الأول؟ قيل : قول من قال : ظلت ومست ، فألقى حركة العين المحذوفة على الفاء ، كما ألقاها عليها في خفت وهبت وظلت ، ولو كان المحذوف اللام دون العين لتحرك ما قبل الضمير ، وكذلك قلب الأول من المتكرّرة نحو : (دينار) كما قلب الثاني نحو : تظنّيت وتقضّيت : وخفّفت الهمزة الأولى كما خفّفت الثانية نحو (جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨].
السابع : لا سيما إذا خفّفت ياؤها كقوله : [البسيط]
٢٥ ـ فـ بالعقود وبالأيمان لا سيما |
|
عقد وفاء به من أعظم القرب |
فهل المحذوف الياء الأولى وهي العين أو الثانية وهي اللام؟ اختار ابن جنّي الثانية وأبو حيان الأولى.
قال ابن إياز في (شرح الفصول) : واعلم أنه قد جاء تخفيف (سي) من لا سيما ، إلا أنهم لم ينصّوا على المحذوف منها هل هو عينها أو لامها ، والذي يقتضيه القياس أن يكون المحذوف اللام لأن الحذف منها هل هو عينها أو لامها ، والذي يقتضيه القياس أن يكون المحذوف اللام لأن الحذف إعلال ، والإعلال في اللام شائع كثير بخلافه في العين ، وبعضهم يزعم أنهم حذفوا الياء الأولى لأمرين ، أحدهما : سكونها والثانية متحرّكة والمتحرك أقوى من الساكن ، فكانت الأولى أولى بالحذف لضعفها ، والثاني : أنها زائدة والأولى منقلبة عن واو أصلية ، والزائد أولى من الأصلي بالحذف ، ولما حذفت الياء الأخيرة لم تردّ الياء إلى أصلها لإرادة المحذوف. انتهى ، وفي الكلام الأخير نظر.
الثامن : باب الأمثلة الخمسة إذا أكد بالنون الشديدة نحو : والله لتضربنّ ، فإنه يجتمع فيه ثلاثة نونات : نون الرفع والنون المشدّدة فتحذف واحدة وهي نون الرفع كما جزموا به ولم يحكوا فيه خلافا.
__________________
(١) انظر التسهيل (٣١٤).
(٢) الأغفال (١ / ٤٠).
٢٥ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (٣ / ٤٤٧) ، والدرر (٣ / ١٨٦) ، وشرح الأشموني (١ / ٢٤١) ، وشرح شواهد المغني (ص ٤١٣) ، ومغني اللبيب (ص ١٤٠) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٣٥).