المشتق منه ، ولذلك ثقل المعدول لأنه مضمن ، ولم يثقل المشتقّ لعدم وقوعه موضع المشتقّ منه ، حكاه في (البسيط).
السادسة : قال في (البسيط) : اختلف في وزن الأسماء الأعجمية ، فذهب قوم إلى أنها لا توزن لتوقف الوزن على معرفة الأصلي والزائد ، وإنما يعرف ذلك بالاشتقاق ولا يتحقّق لها اشتقاق فلا يتحقق لها وزن كالحروف. وذهب قوم إلى أنها توزن ولا يخفى بعده لتوقّف الوزن على معرفة الأصلي والزائد ولا يتحقق ذلك في الأعجمية.
السابعة : اختلف هل يقدح الاشتقاق في كون العلم مرتجلا؟ فقيل : لا ، لأن غطفان من الغطف وهو سعة العيش ، وعمران وحمدان لهما أفعال ، وإنما الذي يقدح فيه أن يكون موضوعا لمسمّى ثم ينقل إلى غيره ، قال صاحب (البسيط) : والتحقيق أن الاشتقاق يقدح في الارتجال لأنه حال الاشتقاق لا بدّ وأن يكون اشتقاقه لمعنى ، فإذا سمّي به كان منقولا من ذلك اللفظ المشتق لذلك المعنى فلا يكون مرتجلا.
الثامنة : قال ابن جنيّ في (الخاطريات) : لاته يليته حقّه ـ أي انتقصه إيّاه ـ يجوز أن يكون من قولهم : ليت لي كذا ، وذلك أن المتمنّي للشيء معترف بنقصه عنه وحاجته إليه ، فإن قلت كيف يجوز الاشتقاق من الحروف؟ قيل : وما في ذلك من الإنكار؟! قد قالوا : أنعم له بكذا ، أي قال له : نعم ، وسوّفت الرجل ، إذا قلت له : سوف أفعل ، وسألتك حاجة فلو ليت لي ، أي : قلت لي : لو لا ، ولا ليت لي ، أي : قلت لي : لالا ، وقالوا : صهصيت بالرجل أي قلت له : صه صه ، ودعدعت الغنم ، أي : قلت لها : داع داع ، وها هيت وحا حيت وعا عيت ، فاشتقّوا من الأصوات كما ترى ، وهي في حكم الحروف ، فكذلك يكون لاته أي : انتقصه من قولهم ليست إذا تمنيت وذلك دليل النقص.
فإن قيل : فكان يجب على هذا أن يكون في قولهم : لاته يليته معنى التمني ، كما أن في لا ليت معنى الرد ، وفي لو ليت معنى التعذّر ، وفي أنعمت معنى الإجابة ، قيل : قد يكون في المشتقّ اقتصار على بعض ما في المشتق منه ، ألا تراهم سمّوا الخرقة التي تشير بها النائحة (المئلاة) وذلك لأنها لا تألو أن تشير بها (فمئلاة) على هذا مفعلة من (ألوت) وحده لفظا ، وإن كان المراد بها أنها لا تألو أن تشير بها ، وسمّوا الحرم : (النالة) وذلك أنه لا ينال من حلّه ، فهذه فعلة من نال وهو بعض لا ينال ، وجاز الاشتقاق من الحروف لأنها ضارعت أصول كلامهم الأول إذ كانت جامدة غير مشتقّة ، كما أن الأوائل كذلك.