إلى انتهائه وهو يقول أحسن أحسن ، ثم قال : فما صنعت معه فعرفت ما كان قولي له فاستصوبه وأمضاه وكان ما رأيتم. قال إبراهيم بن المهدي : فو الله ما أدري أيهم أعجب فعلا عبد الملك في شربه النبيذ ولباسه ما ليس من لبسه وكان رجلا ذا جد وتعفف ووقار وناموس أو إقدام جعفر على الرشيد بما أقدم أو إمضاء الرشيد ما حكم به جعفر عليه.
وقدمنا في حوادث سنة ١٨٧ أن الرشيد غضب على عبد الملك وحبسه. قال ابن جرير ثمة :
ذكر الخبر عن سبب غضبه عليه وما أوجب حبسه
ذكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل أن عبد الملك بن صالح كان له ابن يقال له عبد الرحمن كان من رجال الناس ، وكان عبد الملك يكنى به ولابنه عبد الرحمن لسان على فأفأة فيه فنصب لأبيه عبد الملك وقمامة فسعيا به إلى الرشيد وقال له : إنه يطلب الخلافة ويطمع فيها ، فأخذه وحبسه عند الفضل بن الربيع ، فذكر أن عبد الملك بن صالح أدخل على الرشيد حين سخط عليه فقال له الرشيد : أكفرا بالنعمة وجحودا لجليل المنة والتكرمة ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد بؤت إذا بالندم وتعرضت لاستحلال النقم ، وما ذاك إلا بغي حاسد نافسني فيك مودة القرابة وتقديم الولاية ، إنك يا أمير المؤمنين خليفة رسول الله صلىاللهعليهوسلم في أمته وأمينه على عترته ، لك عليها فرض الطاعة وأداء النصيحة ولها عليك العدل في حكمها والتشبث في حادثها والغفران لذنوبها ، فقال له الرشيد : أتضع لي من لسانك وترفع لي من جنابك ، هذا كاتبك قمامة يخبر بغلك وفساد نيتك فاسمع كلامه ، فقال عبد الملك : أعطاك ما ليس في عقده ولعله لا يقدر أن يعضهني ولا يبهتني بما لم يعرفه مني ، وأحضر قمامة فقال له الرشيد : تكلم غير هائب ولا خائف ، قال : أقول إنه عازم على الغدر بك والخلاف عليك ، فقال عبد الملك : أهو كذلك يا قمامة ؟ قال قمامة : نعم لقد أردت ختل أمير المؤمنين ، فقال عبد الملك : كيف لا يكذب علي من خلفي وهو يبهتني في وجهي ، فقال له الرشيد : وهذا ابنك عبد الرحمن يخبرني بعتوك وفساد نيتك ولو أردت أن أحتج عليك بحجة لم أجد أعدل من هذين لك فبم تدفعهما عنك ، فقال عبد الملك بن صالح : هو مأمور أو عاق مجبور ، فإن كان مأمورا