الشحنة كما كان معروفا من قبل. وفي حلب نفسها يلتقي بالمستشرق الفرنسي لويس ماسينيون سنة ١٩٣١ ويذكر له أمله في الحصول على نسخة من مخطوطة « الدر المنتخب » لابن خطيب الناصرية من علماء القرن التاسع الهجري ، فيعود ماسينيون إلى باريس ويصور المخطوطة ويبعث إليه بالنسخة المصورة. كما يلتقي ببعثة أثرية ألمانية زارت حلب سنة ١٣٢٦ ه مكونة من ثلاثة أشخاص فيطلعونه على كتاب « آداب اللغة العربية » للمستشرق الألماني كارل بروكلمن ويستخرجون له ما هو موجود فيه من تواريخ الشهباء مما حوته المكتبات الأوروبية. وتلك الجهود المضنية التي بذلها المؤلف في سبيل استيفاء المواد الأولية لكتابه كان يرافقها عقل متيقظ ونظرنا فذ فلا يقنعه المأخذ الذي يأخذ عنه سواء أكان مطبوعا أم مخطوطا إلا بعد تثبت وتحقيق وتوثيق ، فنراه يصل كلال يومه بكلال نهاره وهو يقرن النسخة بالنسخة والنص بالنص حتى يجرد ما يجده من تصحيف ويتمم ما يراه من نقص ويكشف ما يقع فيه الناسخون والطابعون من أخطاء ، ولا أدل على ذلك من كشفه انتحال الطبيب الجرماني بيشوف كتاب « زبدة الحلب في تاريخ حلب » ، فيقابل المؤلف هذه النسخة على « تحف الأنباء في تاريخ حلب الشهباء » للطبيب بيشوف المطبوع في المطبعة الأدبية في بيروت سنة ١٨٨٠ م فيجدهما متحدتين في العبارة ليس بينهما من الفرق إلا ما يقع عادة من النساخ من تحريف أو إسقاط كلمة أو تقديم جملة وتأخير أخرى. يقول المؤلف : « وإقدام الطبيب المذكور على نسبة جميع الكتاب إلى نفسه وبخسه حق مؤلفه وناظم عقده أمر غريب في بابه جدا ، وهو خيانة كبرى للعلم لا ينبغي أن تصدر عن أمثاله ، وكأنه ظن أن ذلك سيبقى طي الخفاء والكتمان لا تظهره الأيام والأزمان ، ولو أنه عزا الكتاب إلى صاحبه وأدى الأمانة إلى أهلها وذكر ما له في هذا الكتاب من الزيادات لكنا من الشاكرين له والمقدرين لمساعيه ».
والأمر الثاني هو أن الكتاب وإن كان سجلا زمنيا حافلا بالأحداث السياسية المتلاحقة ومعرضا لتراجم أعلام الشهباء من رجال الحكم والعلم والقضاء والأدب والشعر والطب فهو أيضا مستودع للكثير من المعلومات والفوائد التي يصعب استخلاصها من الكتب والمصادر ، إد نجد المؤلف يكثر من الوقوف عند الآثار العمرانية القديمة من قلاع