وقصور وجوامع ومساجد وكنائس ومدارس وزوايا وخانقاهات. كما يتعرض في غير موضع لتطور حلب الاقتصادي فيذكر أنواع العملة المتداولة وأوضاع التجارة والصناعة في حالي انحطاطها وازدهارها ، والمكوس المفروضة على المدينة ومقدارها ، وأثمان المحاصيل والمنتجات ، ومقدار الرطل والكيل. ثم نراه يبسط بعض جوانب الحياة الاجتماعية فيذكر ما حل في حلب من فتن وثورات وما اجتاحها من آفات وما انتابها من زلازل وما شاع فيها من عادات كضرب النوبة في القلعة ومواكب السلاطين في المواسم. يقول المؤلف في خاتمة كتابه : « ولا ريب أن تاريخنا باشتماله على هذه الأبحاث أصبح معلمة واسعة جمعت فأوعت ، يجد فيه السياسي بغيته والاجتماعي مقصده والعالم رغبته والأديب مطلبه والأثري مرامه وأربه ».
وبعد :
فقد كان هذا السفر النفيس قد طبع أول ما طبع في سنة ١٩٢٣ في ( المطبعة العلمية ) الخاصة بالمؤلف ، فلقي رواجا في الأقطار العربية وانتشارا في دوائر الاستشراق ، حتى نفدت طبعته وعز الحصول عليه وأصبح الباحث يجد عنتا كبيرا في الوصول إليه والاستفادة منه ، وصار بعض من يملكه أو يملك جزءا من أجزائه السبعة كمن يملك درة فريدة يحرص على الحفاظ عليها أو يغلي مهرها. ومن أجل ذلك سعينا إلى إعادة طبع هذا الكتاب ليكون قريبا من أيدي العلماء ورجال الفكر والتاريخ إيمانا منا بضرورة شيوع العلم وأهمية ذيوعه وانتشاره.
غير أن طبعتنا الحديثة هذه قد تيسر لها من الوسائل التقنية اللازمة وطرق الإخراج والتبويب والتنظيم ما لم يتيسر للطبعة الأولى نظرا إلى التقدم الملموس الذي طرأ على فن الطباعة خلال الأعوام السبعين الماضية ، هذا بالإضافة إلى ما بذلناه من جهد متواضع في تصحيح ما وقعت فيه الطبعة الأولى على جودتها من سهو عارض أو خطأ عابر أو تصحيف مخل ، وذلك لأن مصادر المؤلف رحمهالله منها ما كان مخطوطا ومنها ما كان قد طبع في زمنه طبعات ناقصة يعوزها الضبط والتحقيق ، فعمدنا إلى ما وصل إلى يدنا من تلك المصادر بعد أن ظهر بعضها في حلل جديدة محققة فقارنا النصوص النثرية والشعرية وأثبتنا ما رأيناه