سنة ٣٤٣
قال ابن الأثير : في هذه السنة شهر ربيع الأول غزا سيف الدولة بن حمدان بلاد الروم ، فقتل وأسر وسبى وغنم ، وكان فيمن قتل قسطنطين بن الدمستق ، فعظم الأمر على الروم وعظم الأمر على الدمستق ، فجمع عساكره من الروم والروس والبلغار وغيرهم وقصد الثغور ، فسار إليه سيف الدولة فالتقوا عند الحدث في شعبان ، فاشتد القتال بينهم وصبر الفريقان ، ثم إن الله تعالى نصر المسلمين فانهزم الروم وقتل منهم وممن معهم خلق عظيم ، وأسر صهر الدمستق وابن بنته وكثير من بطارقته ، وعاد الدمستق مهزوما مسلولا. اه.
قال العكبري في شرح ديوان المتنبي في شرح قوله :
على قدر أهل العزم تأتي العزائم |
|
و تأتي على قدر الكرام المكارم |
كان سبب هذه القصيدة أن سيف الدولة سار نحو ثغر الحدث ، وكان أهلها قد سلموها بالأمان إلى الدمستق ، فنزل بها سيف الدولة في جمادى الآخرة سنة ثلاث وأربعين وثلثمائة ، فبدأ في يومه فحط الأساس وحفر أوله بيده ابتغاء ما عند الله تعالى ، فلما كان يوم الجمعة نازله ابن الفقاس دمستق النصرانية في خمسين ألف فارس وراجل من جموع الروم والأرمن والبلغر والصقلب ، ووقعت الوقعة يوم الاثنين سلخ جمادى الآخرة ، وإن سيف الدولة حمل بنفسه في نحو من خمسمائة من غلمانه فقصد موكبه ، فهزمه وأظفهر الله به وقتل ثلاثة آلاف من مقاتلته وأسر خلقا كثيرا ، فقتل بعضهم واستبقى البعض ، وأسر تودس الأعور بطريق سمندو وهو صهر الدمستق ، وأقام على الحدث إلى أن بناها ووضع بيده آخر شرافة منها يوم الثلاثا ثالث عشرة ليلة خلت من رجب ، وفي هذا اليوم أنشد أبو الطيب هذه القصيدة لسيف الدولة بالحدث. اه.
أقول : عبارة ابن الأثير تفيد أن قسطنطين بن الدمستق كان فيمن قتل ، وما نقلناه عن ابن شداد وعن العكبري يفيد أنه أسر ، ويغلب على الظن أن هذه الرواية هي الأصح ، ولعل للدمستق ولدا آخر قتل في هذه الوقائع وقد اشتبه ذلك على ابن الأثير والله أعلم.