ووجدت غير واحد من أبناء وطني من ذوي النباهة وممن تلوح على أساريرهم مخايل النبالة تتطلع نفوسهم إلى معرفة تاريخ بلدهم والوقوف على مآثر أسلافهم ومفاخر آبائهم وما مر على الشهباء من أدوار التقدم والتأخر وما كانت عليه من الحضارة والعمران في العصور السالفة والأزمنة المتقادمة علما منهم بالأمور التي قدمناها والحقايق التي أوضحناها.
رأيت من المحتم عليّ على قلة بضاعتي وكثرة شواغلي وتوزع بالي أن أضع لها تاريخا يكشف النقاب عمن تولاها وينبىء عمن مضى من أعيانها ، فعزمت على ذلك بعد الاتكال على الله ذي الجلال المتفرد بالبقاء والكمال وشمرت عن ساعد الجد ووجهت لهذا المشروع الخطير ركائب الهمة ، مع علمي بصعوبة ذلك المرتقى وما يعترضه من المشاق ، إلا أن ذلك لم يثن من عزيمتي ولم يقصر من همتي ، وجعلت شعاري قول ذلك الشاعر العربي :
لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى |
|
فما انقادت الآمال إلا لصابر |
ولما قارب الكتاب الإتمام وكاد يفوح منه مسك الختام بعون الملك العلام وسمته ب
إعلام النبلاء بتاريخ حلب الشهباء
وقسمته إلى مقدمة وقسمين ، وقسمت المقدمة إلى فصلين ، الفصل الأول في بيان ما وضعه فضلاء الشهباء من التواريخ الخاصة بها ، والفصل الثاني في بيان ما وضعوه من التواريخ العامة مرتبا ذلك على سني وفاة مؤلفيها ، وتكلمت على كل تاريخ بقدر ما أدى إليه بحثي ووصل إليه علمي ، وذكرت المكتبة التي يوجد فيها ذلك الكتاب قاصدا بذلك تسهيل السبيل إليه لمن رام الوقوف أو الحصول عليه :