ووعدوه بالانحياز إليه إذا شاهدوه ، فاستدعى الحسن المغربي كاتبه وقال له : لقد غررتني فما الرأي الآن ؟ قال له : أيها الأمير لم أكذبك في شيء قلته ولا أردت إلا نصحك ، والصواب مع هذه الأسباب أن ترجع إلى الرقة وتكاتب صاحب مصر بما اعتمده نزّال معك وتعاود استنجاده. وكان في العسكر قائد من القواد يجري مجراه في التقدم فسمع ما جرى بينهما فقال لبكجور : هذا كاتبك إذا جلس في دسته قال [ الأقلام تنكس الأعلام ] ، فإذا تحققت الحقائق أشار علينا بالهرب ، والله لا هربنا ، وحلف بالطلاق على ذلك ، وسمع أبو الحسن المغربي قوله فخاف. وكان قد واقف بدويا من بني كلاب على أن يحمله إلى الرقة متى كانت هزيمته وبذل له ألف دينار على ذلك ، فلما استشعر ما استشعر قدم ما كان أخّره وسأل البدوي تسييره إلى الرقة فسيّره.
ذكر ما دبره بكجور بفضل شجاعته فحالت المقادير دون إرادته
قال في ذيل التجارب : لما رأى الأمر معضلا عمل على أن يعمد إلى الموضع الذي فيه سعد الدولة من المصاف ويحمل عليه بنفسه ومن ينتخبه من صناديد عسكره موقعا به ، فاختار وجوه غلمانه وقال لهم : قد حصلنا من هذه الحرب على شرف أمرين صعبين من هزيمة وهلاك ، وقد عولت على كيت وكيت ، فإن
ساعدتموني رجوت لكم الفتح ، فقالوا : نحن طوعك وما نرغب بنفوسنا عن نفسك ، فغدر واحد من الغلمان واستأمن إلى لؤلؤ الجراحي وأعلمه بما عول عليه.
ذكر ما فعله لؤلؤ من افتداء مولاه بنفسه فنجاهما الله بحسن النية
قال في ذيل التجارب : أسرع لؤلؤ إلى سعد الدولة وأخبره الحال وقال : قد أيس بكجور من نفسه وهو لا شك فاعل ما قد عزم عليه ، فانتقل من مكانك إلى مكاني لأقف أنا في موضعك وأكون وقاية لك ولدولتك ، فقبل سعد الدولة رأيه ، ووقف لؤلؤ