تحت الراية وجال بكجور في أربعمائة غلام شاكين في السلاح ، ثم حمل في عقيب جولته حملة أفرجت له العساكر ، ولم يزل يخبط من تلقاه بالسيف إلى أن وصل إلى لؤلؤ وهو يظنه سعد الدولة فضربه على الخودة ضربة قدها ووصلت إلى رأسه ، ووقع لؤلؤ إلى الأرض وحمل العسكر على بكجور ، وبادر سعد الدولة عائدا إلى مكانه مظهرا نفسه لغلمانه ، فلما رأوه قويت شوكتهم وثبتت أقدامهم واشتدوا في القتال حتى استفرغ بكجور وسعه ، ثم انهزم في سبعة نفر.
ذكر ما جرى عليه أمر بكجور بعد الهزيمة إلى أن قتل
قال الوزير أبو شجاع في ذيل تجارب الأمم : كانت تحت بكجور فرس ثمنه ألف دينار ، فانتهى إلى ساقية تحمل الماء إلى رحا الطريق سعتها قدر ذراعين ، فجهد على أن يعبرها خوضا أو وثبا فلم يكن فيه قوة ووقف ، ولحقته عشرة فوارس من العرب فرجلته وأصحابه وجردوهم من ثيابهم وآبوا عنهم بأسلابهم ، ونجا بكجور ومن معه إلى الرحا فاستكنوا فيه ، ثم خرجوا من بعد إلى قراع فيه زرع فمر بهم قوم من العرب وكان فيهم رجل من بني قطن كان بكجور يستخدمه كثيرا في مهماته ، فناداه أن ارجع فرجع وهو لا يعرفه ، فأخذ زمامه ثم عرفه نفسه وبذل له على إيصاله الرقة حمل بعيره ذهبا ، فأردفه وحمله إلى بيته وكساه ، وكان سعد الدولة قد بث الخيل في طلبه وجعل لمن أحضره حكمه ، فساء ظن البدوي وطمع فيما كان سعد الدولة بذله ، واستشار ابن عمه في أمره فقال له : هو رجل بخيل وربما غدر في عدوه ، وإذا قصدت سعد الدولة به حظيت برفده ، فأسرع البدوي إلى معسكر سعد الدولة وأشعره بحال بكجور واحتكم عليه مائتي فدان زراعة ومائة ألف درهم ومائة راحلة محملة برا وخمسين قطعة ثيابا ، فبذل له سعد الدولة ذلك جميعه. وعرف لؤلؤ الجراحي الخبر وتقرر أن يمضي البدوي ويحضره ، فتحامل وهو مثخن بالجراحة التي أصابته ومشى يتهادى على أيدي غلمانه حتى حضر عند سعد الدولة.
ذكر حزم أخذ به لؤلؤ دل منه على أصالة رأي
قال الوزير في الذيل : لما حضر سأل عما يقوله البدوي فأخبر به فقبض لؤلؤ على