ولما خرج عن حلب أقامت القلعة في يد آمنة خاتون بنت رضوان يومين إلى أن وصل ياروقتاش الخادم مبادرا فدخل حلب ونزل بالقصر وأخرج بعض عسكر حلب وأوقع بالذين قتلوا لؤلؤ وارتجع ما كان أخذوه من عسكر حلب ، وانهزم بعض من كان في النوبة فالتقوا آقسنقر في بالس في أول محرم سنة إحدى عشرة وخمسمائة ، ولم يتسهل للبرسقي ما أمل وراسل أهل حلب ومن بها في التسليم إليه فلم يجيبوه إلى ذلك ، وكاتب ياروقتاش الخادم نجم الدين إيلغازي بن أرتق ليصل من ماردين ويدفع آقسنقر وكاتب روجار صاحب أنطاكية أيضا ، فوصل إلى بلد حلب وأخذ ما قدر عليه من أعمال الشرقية ، فحينئذ أيس البرسقي من حلب وانصرف من أرض بالس إلى حمص فأكرمه خير خان صاحبها وسار معه إلى طغتكين إلى دمشق فأكرمه ووعده بإنجاده على حلب.
وهادن ياروقتاش صاحب أنطاكية روجار وحمل إليه مالا وسلم إليه حصن القبة ورتب مسير القوافل من حلب إلى القبلة عليه وأن يؤخذ المكس منهم له. ثم إن ياروقتاش طلع إلى قلعة حلب وعزم على أن يعمل حيلة يوقعها بالمتقدمين ويملكها مثل لؤلؤ ، فقبض عليه مقدمو القلعة بأمر بنات رضوان بعد تمام شهر من ولايته وأخرجوه من حلب وولوا في القلعة خادما من خدم رضوان ، وردّ أمر سلطان شاه وتقدمة العسكر وتدبير الأمر إلى عارض الجيش العميد أبي المعالي المحسن بن الملحي ، فدبر الأمور وساسها ، وضعفت حلب وقل ارتفاعها وخربت أعمالها ، ووصل إيلغازي بن أرتق إلى حلب فأنزلوه في قلعة الشريف ومنعوه من القلعة الكبيرة ، واستولى على تدبير الأمور وتربية سلطان شاه في سنة إحدى عشرة وخمسمائة وسلموا إليه بالس والقلعة ، وقبض أبا المعالي بن الملحي وقصر ارتفاع حلب عما يحتاج إليه إيلغازي والتركمان الذين معه ولم ينتظم حال واستوحش من أهل حلب وجندها ، فخرج عنها إلى ماردين وبقيت بالس والقلعة في يده ، وخرج ابن الملحى من الاعتقال وأعيد إلى تدبير الأمور وأفسد الجند الذين ببالس في أعمال حلب ، فاستدعوا الفرنج ، وخرج بعض عسكر حلب ومعهم قطعة من الفرنج وحصروها فوصل إيلغازي وجمع من التركمان إليها فعاد عسكر حلب والفرنج عن بالس وباعها لابن مالك وعاد إلى ماردين وبقي تمرتاش ولده رهينة في حلب.