حصن الأثارب وزردنا وعاد إلى حلب وقرر أمرها وأصلح حالها ، ثم عبر الفرات إلى ماردين (١)
تتمة حوادث سنة ٥١٣
زيادة بيان لهذه الحوادث :
قال ابن العديم توجه إيلغازي إلى ماردين ومعه أتابك وراسلا من بعد وقرب من عساكر المسلمين والتركمان فجمعا عسكرا عظيما وتوجه إيلغازي في عسكر يزيد عن أربعين ألفا في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة وقطع الفرات من عبر بدايا وسبخة وامتدت عساكره في أرض تل باشر وتل خالد وما يقاربهما يقتل وينهب ويأسر وغنموا كل ما قدروا عليه ، ووصل من رسل حلب من يستحثه على الوصول لتواصل غارات الفرنج من جهة الأثارب على حلب وإياس أهلها من أنفسهم ، فسار إلى مرج دابق ثم إلى المسلمية ثم قنسرين في أواخر صفر من سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، وسارت سراياهم في أعمال الفرنج والروج يقتلون ويأسرون ، وأخذوا حصن قسطون في الروج ، وجمع سرجال صاحب أنطاكية الفرنج والأرمن وغيرهم وخرج إلى جسر الحديد ، ثم رحلوا ونزلوا بالبلاط بين جبلين مما يلي درب سرمدا شمالي الأثارب ، وذلك في يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الأول ، وضجر الأمراء من طول المقام وإيلغازي ينتظر أتابك طغتكين ليصل إليه ويتفقا على ما يفعلانه ، فاجتمعوا وحثوا إيلغازي على مناجزة العدو ، فجدد إيلغازي الأيمان على الأمراء والمقدمين أن يناصحوا في حربهم ويصابروا في قتال العدو وأنهم لا يتكلون ويبذلون مهجهم في الجهاد ، فحلفوا على ذلك بنفس طيبة ، وسار المسلمون جرايد وخلفوا الخيام بقنسرين وذلك في يوم الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الأول فباتوا قريبا من الفرنج وقد شرعوا في عمارة حصن مطل على تل عقبرين ، والفرنج يتوهمون أن المسلمين ينازلون الأثارب أو زردنا ، فما شعروا عند الصبح إلا ورايات المسلمين قد أقبلت وأحاطوا بهم من كل جانب ، وأقبل القاضي أبو الفضل بن الخشاب يحرض الناس على القتال وهو راكب على حجر وبيده رمح ، فرآه
__________________
(١) أقول : ويغلب على الظن أنه في قدمته هذه إلى حلب ولى عليها ولده سليمان الذي عصى عليه سنة ٥١٥ كما سيأتي.