(الفصول) ، ارتفع الإشكال الثاني ، بناءً على كون المراد من «السنّة» هو الأعم من الحاكي ، بالنسبة إلى قسم من المسائل ، وهي التي يكون البحث فيها عن أصل الدليليّة ، لكن مباحث الاستلزامات العقلية ، ومباحث الإطلاق والتقييد ، والعموم والخصوص ، ونحوها من مباحث الألفاظ ، كلّها تخرج ، لأنّ البحث ليس عن عوارض الأدلة الأربعة ، فيكون من العوارض الغريبة ، لكون الموضوع في كل هذه المباحث أعمّ من الكتاب والسنّة ، كما أنّ الشهرة أيضاً تخرج ، إلاّ أن تدخل في السنّة ، لكونها ـ كالخبر ـ حاكية.
وأمّا بناءً على كون المراد من «السنّة» خصوص المحكي ، وهو «القول والفعل والتقرير» فيضاف الإشكال بخروج مباحث حجيّة الخبر ، ومباحث باب التعارض ، لأنّ البحث هناك إنما هو عن حجيّة الخبر الحاكي ، والمفروض عدم كونه سنّةً ، فلا يكون البحث بحثاً عن عوارض الأدلة الأربعة.
وقد حاول الشيخ الأعظم دفع هذا الإشكال بإرجاع البحث عن خبر الواحد إلى البحث عن ثبوت السنّة ، بأنّ البحث في الحقيقة : أنّه هل السنّة ـ التي هي عبارة عن قول المعصوم وفعله وتقريره ـ كما تثبت بالخبر المتواتر وبالقرينة القطعية ، تثبت بخبر الواحد الثقة أو لا تثبت؟ فيكون بحثاً عن عوارض السنّة.
لكنّ هذه المحاولة غير مفيدة ، لأنّه إنْ اريد بالثبوت : الثبوت الواقعي الخارجي ، فقد أورد عليه شيخنا ـ تبعاً للمحقق الخوئي ـ بأن الخبر حينئذٍ حاك وكاشف عن السنّة ، والكاشف عن الشيء في رتبةٍ متأخرة عنه ، ويستحيل أن يكون علةً له.