وفيه : إن «مضى» فعل ماضٍ ، والمبدأ فيه : «م ، ض ، ي» فإذا كانت الهيئة في الماضي دالّةً على المضي ، كان الكلام : مضى المضي ، وهذا غلط.
وثانياً : إن الفعل المضارع موضوع للمستقبل ولا دلالة له على الحال.
وفيه : إن لازم هذا الكلام الالتزام بالمجاز في قوله تعالى : (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا) (١) وقوله : (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (٢) ونحوهما من الآيات وغيرها المراد فيها الحال لا المستقبل.
على أن ما ذكره خلاف المشهور من أن المضارع موضوع للجامع بين الحال والمستقبل.
٤ ـ وأجاب في (المحاضرات) (٣) بأنّ مدلول هيئة الفعل الماضي هو قصد المتكلّم وقوع المادة في الزمان السابق على التكلّم ، ومدلول هيئة الفعل المضارع قصده وقوعها بعد زمان التكلّم ، اللهم إلاّ إذا قامت قرينة على الخلاف ... فليس معنى الهيئة وقوع المادّة قبل زمان التكلّم أو بعده ، نعم ، في الزمانيّات لا بدّ من وقوع المادّة قبله أو بعده ، لكنَّ هذا من لوازم الموجودات الزمانيّة ، وليس مدلول الهيئة. وعلى ذلك ، فليس مدلول قول القائل «علم الله» مثلاً تحقّق علمه سبحانه قبل زمان التكلّم ، بل إخبار المتكلّم عن قصده علم الله قبل زمان تكلّمه ، بداهة أن علمه تعالى لا ينقسم إلى قبل وبعد زمان التكلّم.
وأورد شيخنا دام ظلّه على هذا الجواب : بأنّه يبتني على مسلك صاحبه في المعنى الحرفي ، من أن الحروف ـ وكذا الهيئات ـ موضوعة لإيجاد
__________________
(١) سورة سبأ : ٢.
(٢) سورة التغابن : ٤.
(٣) محاضرات في اصول الفقه ١ / ٢٤٧.