لخصوص المتلبّس.
وثانياً : إنما يلزم غلبة المجاز ، لو لم يكن استعماله فيما انقضى بلحاظ حال التلبّس ، مع أنه بمكانٍ من الإمكان ، فيراد من «جاء الضارب» ـ وقد انقضى عنه الضرب ـ : جاء الذي كان ضارباً قبل مجيئه حال التلبس بالمبدإ ، لا حينه بعد الانقضاء لكي يكون الاستعمال بلحاظ هذا الحال وجعله معنوناً بهذا العنوان فعلاً بمجرّد تلبّسه قبل مجيئه ، ضرورة أنه لو كان للأعم لصحّ استعماله بلحاظ كلا الحالين ...
وأفاد الاستاذ دام ظله بعد أن شرح هذا الكلام : بأنه على هذا أيضاً يعود الإشكال ، لأنّه لمّا صار الاستعمال فيما انقضى بلحاظ التلبّس قليلاً ، وفي المتلبّس كثيراً ، رجع احتمال كون التبادر والانسباق ناشئاً من كثرة الاستعمال في المتلبّس ، ومن هنا ذكر المحققون من المحشّين على (الكفاية) من تلامذته أن حاصل كلامه تسجيل الإشكال على نفسه.
وأمّا ما ذكره من أنّ كثرة الاستعمالات المجازيّة غير ضائر ، ففيه : إنّه إذا كان اللّفظ يستعمل في معاني مجازية متعددة ، فهذا لا إشكال فيه ولا ينافي حكمة الوضع ، لكنّ كثرة الاستعمال المجازي في مقابل المعنى الحقيقي ، كأنْ يوضع لفظ «الأسد» للحيوان المفترس ثم يستعمل ـ في الأكثر ـ في الرجل الشجاع ، فهذا ينافي حكمة الوضع ، وما نحن فيه من هذا القبيل.
ثم قال الاستاذ :
والتحقيق في المقام : إن التبادر على قسمين : التبادر عند المستعلم ، والتبادر عند أهل اللّسان ، فإن كان المعيار هو القسم الأوّل ، فإن مجرَّد احتمال كونه ناشئاً من كثرة الاستعمال يسقطه عن الاعتبار ، إلاّ أنْ يحصل القطع بعدم