يستعمل اللّفظ الفلاني خالياً عن القيود يستفاد منه المعنى الفلاني ، أو بمعنى أنّ كثرة استعماله في ذاك المعنى يوجب انسباقه منه ، وهذا هو المستفاد من كلام المحقق صاحب (الكفاية) (١) ، فلعلّ كثرة استعمال المشتق في المتلبّس هي السبب في انسباق خصوص هذا المعنى منه إلى الذهن ، في كلّ موردٍ اطلق فيه المشتق.
وإذا جاء احتمال استناد الانسباق إلى أمرٍ خارجٍ ، سقط الاستدلال بالتبادر على المدّعى.
وقد أجاب في (الكفاية) عن هذه الشّبهة بأنّ استعمال المشتق في الأعمّ ، إن لم يكن أكثر منه في المتلبّس ، فليس بأقل ، فالتبادر هنا من حاقّ اللّفظ لا من الإطلاق ، لأنّ التبادر الإطلاقي إنما هو حيث يكون الاستعمال في أحد المعنيين كثيراً وفي الآخر نادراً.
فوقع في إشكال آخر ، وذلك أن ما اعترف به من كثرة استعمال المشتق في المعنى المجازي ، أي الأعم ، على حدّ استعماله في المعنى الحقيقي ـ إنْ لم يكن أكثر ـ لا يتلائم مع حكمة الوضع المقتضية لاستعمال اللَّفظ في المعنى الحقيقي الموضوع له ، وبالمنافاة بين كثرة المجاز كذلك وبين حكمة الوضع ، يستكشف عدم وجود كثرة استعمال المشتق في الأعم ، بل هي في خصوص المتلبّس ، وحينئذٍ يعود احتمال استناد التبادر والانسباق إلى كثرة الاستعمال هذه ، فيرجع الإشكال ويسقط الاستدلال.
فأجاب أوّلاً : إن مجرَّد الاستبعاد غير ضائر بالمراد ، أي الوضع
__________________
(١) كفاية الاصول : ٤٧ ط مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام ، ذيل ارتكازية التضاد ، وهو الوجه الثالث من وجوه الاستدلال للقول الأوّل.