٣ ـ إن الاختلاف إنما يأتي في الاستعمال من جهة لحاظ المستعمِل في ظرف الاستعمال ، وهذا لا يوجد اختلافاً جوهريّاً بين الاسم والحرف.
٤ ـ إنه ليس الموضوع له في الحروف المعنى الجزئي والخصوصية ، لا ذهناً ولا خارجاً ، فالوضع فيها عام والموضوع له عام.
هذا ، والجدير بالذكر : إن المحقّق الخراساني يجعل الآليّة والاستقلاليّة عبارةً عن الآليّة والاستقلاليّة في المفهوميّة ، يعني : كما أنّ الجواهر مستقلّة في الوجود خارجاً ولا تحتاج إلى شيء في تحقّقها ، وأن الأعراض بخلافها ، كذلك الاسم والحرف في التعقّل ، فالاسم يتعقّل مستقلاًّ ، أي : يأتي مفهوم «الابتداء» إلى الذهن غير قائم بشىء ، بخلاف الحرف ، فإنّه لا يأتي إلى الذهن إلاّ إذا كان معه «السير» مثلاً.
هذا تمام الكلام في بيان هذه النظريّة.
ما لا يرد عليه من الإشكال :
وإذا تبيّن واقع نظرية صاحب (الكفاية) ، فلا يرد عليه :
١ ـ أنه إذا كان بين الآليّة والاستقلاليّة فرق ، فمن المفاهيم الاسميّة ما يلحظ في الذهن آلةً للغير ، فيلزم أنْ يكون حرفاً ، كالتبيّن في قوله تعالى : (وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ) (١) فإنّه ملحوظ آلةً ومرآةً للفجر ، مع أنه اسم.
وجه عدم الورود : أن مراده من الآليّة ـ كما تقدّم ـ عدم الاستقلاليّة في المفهوميّة ، و «التبيّن» في الآية الكريمة وإنْ كان طريقاً لمعرفة الفجر ، إلاّ أنه مستقلّ في التعقّل عن «الفجر» ولا يحتاج في ذلك إليه ولا إلى غيره ، فهو
__________________
(١) سورة البقرة : ١٨٧.