ذكر أبو محمّد بن زبر فيما نقلته من كتاب ابنه أبي سليمان (١) ، أنبأ أحمد بن عبد الله بن سليمان ، عن أبي عبد الله ابن الأعرابي قال :
كان رجل من الأعراب عاشقا لابنة عمّ له ، وأمل أن يتزوّجها ، فأصابتهم حطمة (٢) أفسدت المال وغيرت الحال وذلك في خلافة عبد الملك بن مروان فارتحل أهلها إلى بعض مدائن الشام ، وكثر خطّاب الجارية ، وبذل لها الرغائب ، فبلغ ذلك الأعرابي ، فأقبل على قعود (٣) له ، فأغذّ السير ، فعطب قعوده ، فلم يبق معه إلّا حلسه وقتبه فأتاهم فذكر قرابة وشرفا فقالوا : المال أحبّ إلينا للحال التي نحن عليها ، قال : أي القوم أما إذا أبيتم فأجّلوني شهرا أو شهرين فإن جئتكم بما تحبوه وإلّا فأنتم من وراء ما تريدون.
قال : فأتى عبد الملك بن مروان فأقام ببابه شهرا لا يصل إليه ، ثم أذن له ، فدخل وهو يقول :
ما ذا يقول أمير المؤمنين لمن |
|
أوى (٤) إليك بلا قرب ولا نسب |
مدله عقله من حب جارية |
|
موصوفة بكمال الدلّ والأدب |
خطبتها إذ رأيت الناس قد لهجوا |
|
بذكرها ، والهوى يدعو إلى العطب |
فقلت : لي حسب عال ولي شرف |
|
قالوا : الدراهم خير من ذوي الحسب |
قالوا : نريد ألوفا منك أربعة |
|
ولست أملك غير الحلس والقتب |
فالنفس تعجب لما رمت خطبتها |
|
مني ، وتضحك إفلاسي من العجب |
لو كنت أملك مالا أو أحيط به |
|
أعطيتهم ألف قنطار من الذهب |
فامنن عليّ أمير المؤمنين بها |
|
واجمع بها شمل هذا البائس العزب |
فما وراءك بعد الله مطلب |
|
أنت الرجاء ومنهى غاية الطلب |
فأمر له عبد الملك بعشرة آلاف درهم ، وما يصلح للوليمة.
أنبأنا أبو البركات طلحة بن أحمد بن بادي العاقولي ، أنا أبو محمّد الجوهري ، نا أبو
__________________
(١) يعني محمد بن عبد بن أحمد بن ربيعة ، أبو سليمان الربعي ، ترجمته في سير الأعلام ١٦ / ٤٤٠.
(٢) أي سنة وجدب.
(٣) القعود : وهو من الإبل ما أمكن أن يركب وأدناه أن تكون له سنتان ثم هو قعود إلى أن يثني فيدخل في السنة السادسة ثم هو جمل.
(٤) في المختصر : أدلى.