جبلة بن الأيهم (١) أحد ملوك غسان ، وأسلم زمن عمر فوقع بينه وبين رجل من جهينة كلام فلطم الجهني فلطمه الجهني ، فأتى عمر بن الخطاب ، فقال : يا أمير المؤمنين لطمني هذا. فقال الجهني : لطمني فلطمته ، قال عمر : فما تريد؟ قال : أقتله ، قال : ليس هذا في ديننا ، فرجع إلى الشام ثم رجع عن الإسلام وخرج معه أربعون ألفا من غسان ، فكان عمر إذا رأى الجهني قال له : أنت أشأم العرب على العرب ، قال ثم إن معاوية بعث ابن بشر بن البراء بن المعرور إلى ملك الروم فقال : هل لك في رجل يحب أن يراك جبلة بن الأيهم؟ قال : نعم لي فيه ، هل بعث معه الملك رسولا وبينه وبين منزل جبلة مسيرة ليلة ، قال ابن بشر بن البراء فأتيته ، وهو في قصر من رخام ، فدخلت عليه فخرجت جاريتان كأنهما قمران ، فجلستا ، وجاء طائران حتى وقع كل واحد منهما على رأس واحدة ، ثم قال لهما غنياني فغنتاه (٢) :
لله درّ عصابة نادمتهم |
|
يوما بجلّق في الزمان الأول |
يغشون حتى ما تهرّ كلابهم |
|
لا يسألون عن السواد المقبل |
ثم قال لي تعرف ابن الفريعة (٣)؟ قلت : نعم ، قال : كان لنا مداحا وقد آليت ألّا أرى أحدا يعرفني إلّا وصلته ، وهذه أربع مائة دينار وتسعة أثواب بزيون (٤) ، فادفعها إليه ، فقلت له : رجعت عن الإسلام وأنت من العرب؟! قال : وددت أني لم أكن فعلت قلت : فارجع يقبل منك ، فقال : قل (٥) لمعاوية إن زوجني ابنته ، وجعل لي الأمر (٦) بعده فعلت ، قال : فقدمت على معاوية فأخبرته فقال : ارجع فقل له : نعم ، قلت : يا أمير المؤمنين أهلي بالمدينة ما لم .... (٧) المامة ، قال : افعل فقدمتها ، فلقيت حسان فدفعت إليه ما وجّه معي ، ثم أتيت معاوية فقال لي ارجع فقل له : نعم ، فقدمت القسطنطينية ، فوجدت الملك راكبا قلت : ما هذا؟ قال : امابت (٨) جبلة بن الأيهم ، قال : فلمّا رجعت قلت لمعاوية : وكيف تفعل يا أمير المؤمنين؟ قال : لا ولا كرامة ، وما علي أن استنقذه من الشرك ثم لا أفعل.
__________________
(١) خبر جبلة بن الأيهم وسبب تنصره وهروبه إلى الشام في الأغاني ١٥ / ١٦٢ و ١٦٤ من وجهين آخرين وبرواية مختلفة.
(٢) البيتان من عدة أبيات في الأغاني ١٥ / ١٥٧ و ١٦٦ نسبها لحسان بن ثابت.
(٣) يعني حسان بن ثابت.
(٤) البزيون : السندس (القاموس المحيط).
(٥) بالأصل : قال.
(٦) تحرفت بالأصل إلى : الأمن.
(٧) كلمة غير واضحة بالأصل.
(٨) كذا رسمها بالأصل.