نصيحة ، فقال : اللهمّ الق في قلوبهم السمع والطاعة لك ولكتابك ولرسولك ، أدخله ، فدخل ، فقال : يا أمير المؤمنين هذه وصيتي في هذا الكتاب ، فإن شئت قرأته عليك وإن شئت حدّثتك به. قال : فأخذ الكتاب ، فنظر فيه ، ثم رفع رأسه إليه ، فقال : لك حاجة؟ فقال : لا يا أمير المؤمنين ، قال : إن كان لك حاجة فارفعها إلى أمير المؤمنين ، قال : ما لي حاجة ، قال : فانصرف ، قال : فأقام أياما ، قال : ثم قال لي : اطلب لي الرجل ، فطلبته ولا أعرف اسمه ولا منزله ، فقلت لم أجده ، فقال : ويحك! إنّي أخاف أن تكون قد جئتني بشيطان ، اطلبه ، فبينا أنا أدور وجدته فقلت : ويحك ، إنّ أمير المؤمنين قد ساء بك الظن ، فائته. قال : فأتاه ، فدنا منه حتى أجلسه منه مجلس المسار ، قال : ثم استخرج الكتاب ، فحدّثه بما فيه ، فإذا لا يخالف حتى قام ، فجعل ينظر فيه ؛ فمرّة أعرف فيه الكراهية ، ومرّة أعرف فيه السرور ، ثم رفع رأسه إليه ، فقال : ألك حاجة؟ قال : ما لي حاجة يا أمير المؤمنين ، قال : إنّ كانت لك حاجة فارفعها إلى أمير المؤمنين ، قال : ما لي حاجة ، قال : فاكتم ما جئت به ، قال : فتبعته فقلت : لك الله عهدا ألّا أخبر بما تخبرني به أحدا ما دام أمير المؤمنين حيا ، قال : إذا أخبرك ، أنا رجل أقوم من الليل فإذا كان عند الفجر نمت ، وإنّي قمت قيامي فنمت نومتي ، فأتاني آت ، فقال : أجب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقلت : ومن أنت؟ فقال : أنا بلال ، قال : فذهبت معه حتى أتيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإذا هو بين الركن والمقام ، فقال : كيف تركت أمتي؟ قال : قلت : بخير يا رسول الله ، قال : فكيف رضاءهم بعمر بن عبد العزيز؟ قلت : ما قام عليهم خليفة لله بعد أبي بكر وعمر يشبهه ، قال : ويحك! إنهم ليسوا بخلفاء ولكنهم أمراء المؤمنين ، ثم قال : هل أنت مبلغه عني رسالة؟ قال : قلت : نعم يا رسول الله ، قال : فاقرئه مني السّلام ، وأعلمه أنّ السماوات والأرض فرحن به يوم قام على الناس أميرا ، وأعلمه أنّ الله قد جعل له منك عيني عمر بن الخطاب وقلبه ، فأمّا عيناه فلا يمدّهما إلى شيء من الدنيا ما كان فيها ، وأمّا قلبه فلا يصنع به شيئا من أمر أوليه ومره : فليصلح ثلاثا ، فإن أصلحهن فهو في شيء وإن لم يصلحهم (١) فليس في شيء : العرفاء ، وأصحاب المكوس ، وأصحاب القبالات ، وأما العرفاء فيأكلون أموال الأرامل واليتامى ظلما ، وأما أصحاب القبالات فيأكلون الربا ، وأما أصحاب المكوس فيأكلون أموال الناس ظلما.
رواها أحمد بن منصور الرمادي ، عن أبي النضر (٢) إسحاق بن إبراهيم بإسناده نحوه.
__________________
(١) كذا.
(٢) تحرفت إلى : النفر ، بالأصل.