القراصنة بأحدث الأسلحة فيعتدون ، ثم يزعمون انهم المعتدى عليهم فتدعم الولايات المتحدة هذا الزعم ، وتذب عنه بحماس في مجلس الأمن وهيئة الأمم ، ويهاجم اليهود ويبطشون ، ثم يدعون انهم معرضون للبطش والهجوم ، وتقول الولايات المتحدة : نعم هذا هو الصدق والعدل .. فهل بعد هذا ، وكثير غير هذا يقال : ان النصارى ، كل النصارى أقرب الناس مودة للمسلمين؟. ان مثل هذا لا يفوه به إلا جاهل أو مضلل ، ثم ما ذا يصنع هذا المضلل بقوله تعالى : (وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ). ان الحق الذي جاءهم وآمنوا به هو الذي بشر به عيسى : (وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ـ ٦ الصف». ويؤكد هذا ، وينفي عنه كل ريب قوله تعالى بلا فاصل : (فَأَثابَهُمُ اللهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ). فشهادة الله لهذه الفئة من النصارى بالإحسان وجزاؤها بالجنان ـ دليل قاطع على إسلامها ، وانها هي وحدها المقصودة بوصف الإحسان والثواب عليه.
أما النصارى الذين أنكروا الحق بعد أن عرفوه ، أو أعرضوا عنه ، دون أن ينظروا إلى دلائله وبيناته ، أما هؤلاء فقد هددهم الله سبحانه وتوعدهم بقوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ). وتسأل : ان قوله : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا) الخ يشمل كل من كفر وكذّب فما هو وجه التخصيص بالنصارى؟.
الجواب : ان سياق الكلام يدل على ان الله سبحانه بعد أن وعد من آمن من النصارى بالجنة توعد من أصر على الكفر منهم بالنار ، وأطلق اللفظ ليشمل التهديد كل من خالف الحق وعانده ، وهذا لا يتنافى مع ما قلناه.
والخلاصة ان هذه الآيات صريحة في ان المقصود منها فئة خاصة من النصارى وهم الذين عرفوا الحق ، وآسوا به ، وان الله سبحانه قد أدخلهم الجنة بسبب إيمانهم وصالح أعمالهم ، وإذا افترضنا ـ جدلا ـ ان قوله تعالى : (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً) الخ) يشمل كل من قالوا إنا نصارى ، إذا افترضنا هذا فيجب أن نصرف الآية عن ظاهرها ، ونخصصها بمن آمن منهم لأمرين :
الأول : إن الله سبحانه ذكر في العديد من آياته أن النصارى جعلوا لله