الإعراب :
من عمل الشيطان متعلق بمحذوف صفة لرجس. وفي الخمر والميسر متعلق بيوقع. وفهل أنتم منتهون أمر من صيغة الاستفهام ، وهو أبلغ من الأمر بصيغة أفعل.
المعنى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ). تكلمنا مفصلا عن تحريم الخمر والقمار عند تفسير الآية ٢١٩ من سورة البقرة ج ١ ص ٣٢٨. وعن الأنصاب والأزلام عند تفسير الآية ٣ من هذه السورة : (وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ). ونسب سبحانه شرب الخمر ، ولعب القمار ، وعبادة الأصنام ، والاستقسام بالأزلام ، نسب هذه إلى الشيطان لأنه يحبذها ويغري بها. (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ). ضمير اجتنبوه يعود إلى الرجس ، وهو أمر بالاجتناب ، والأمر يدل على الوجوب ، بخاصة عند بيان السبب ، وقد بيّن هنا ان سبب وجوب الاجتناب هو الفلاح .. ولو لم يكن من دليل على تحريم الخمرة إلا مساواتها مع عبادة الأصنام لكفى. فكيف إذا عطفنا عليها الآية ٢١٩ من سورة البقرة ، والآية ٣٢ من الاعراف ، والأحاديث المتواترة ، وإجماع المسلمين من عهد الرسول (ص) إلى اليوم ، وإلى آخر يوم.
(إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ). بعد أن أكد سبحانه تحريم الخمر والميسر ، وقرنهما بعبادة الأصنام ، وجعلهما رجسا من عدو الإنسان ، وبيّن ان اجتنابهما سبيل إلى الفلاح ـ بعد هذا أشار جل ثناؤه الى أن فيهما مفسدتين : إحداهما اجتماعية ، وهي قطع الصلات ، وإيقاع العداوة والبغضاء بين الناس. وثانيهما دينية ، وهي الصد عن ذكر الله وعبادته ، ثم طلب سبحانه الانتهاء عن الخمر والميسر بأبلغ تعبير : (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ). والإسلام يحرص كل الحرص على أن يصل