بلغ غدير خم ـ وهو مكان في الجحفة تتشعب منه طرق كثيرة ـ أمر مناديه أن ينادي بالصلاة ، فاجتمع الناس قبل أن يتفرقوا ، ويذهب كل في طريقه الى بلده ، فخطبهم وقال فيما قال :
«ان الله مولاي ، وأنا مولى المؤمنين ، أنا أولى بهم من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعليّ مولاه يقولها ثلاثا ، وفي رواية أربعا .. ثم قال : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه. وأحبّ من أحبه ، وأبغض من بغضه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله ، وادر الحق معه حيث دار. ألا فليبلغ الشاهد الغائب».
والسنة لا ينكرون هذا الحديث بعد ان تجاوز حد التواتر (١) وسجله الكثير من أئمتهم وعلمائهم ، منهم الإمام ابن حنبل في مسنده ، والنسائي في خصائصه ، والحاكم في مستدركه ، والخوارزمي في مناقبه ، وابن عبد ربه في استيعابه ، والعسقلاني في اصابته ، كما ذكره الترمذي والذهبي وابن حجر وغيرهم ، ولكن الكثير منهم فسروا الولاية بالحب والمودة ، وان المراد من قول الرسول (ص) : من كنت مولاه ـ من أحبني فليحب عليا.
ورد الشيعة هذا التفسير بأن قول النبي : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن كنت مولاه فعلي مولاه ـ يدل بصراحة ووضوح على ان نفس الولاية التي ثبتت لمحمد (ص) على المؤمنين هي ثابتة لعلي (ع) ، دون زيادة أو نقصان ، وهذه الولاية هي السلطة الدينية والزمنية ، حتى ولو كان للفظ الولاية ألف معنى ومعنى.
وعلى هذا يكون معنى الآية ان الله سبحانه أكمل الدين في هذا اليوم بالنص على علي بالخلافة.
__________________
(١). نقل الشيعة هذا الحديث عن العديد من مصادر السنة ، ووضع علماؤهم فيه كتبا خاصة ، وآخرهم الشيخ الاميني من علماء النجف الأشرف في هذا العصر ، فقد ألف كتابا أسماء الغدير في ١٢ مجلدا ، تبلغ صفحاتها حوالي خمسة آلاف صفحة ، ذكر فيه رواة الحديث ، وهم ١٢٠ صحابيا ، و ٨٤ تابعا ، و ٣٦٠ إماما وحافظا للحديث ، وفيهم الحنفي والشافعي وغيرهما كل ذلك نقله عن كتب السنة والكتاب معروض للبيع في مكتبات العراق وايران ولبنان.