في سن الثلاثين ، ثم يقول انتهازي محترف متزلفا إلى وجوه النصارى ، يقول هذا المتزلف : «ان عيسى (ع) نبيء طفلا صغيرا ، على العكس من محمد (ص) الذي بعث بعد الأربعين (١) ويستدل على افترائه هذا بأن عيسى تكلم في المهد بنص القرآن ... متجاهلا أنه إنما تكلم تبرئة لأمه الصديقة الطاهرة ، لا ليبلغ رسالة الله إلى عباده ، وهو متعلق بالثدي.
(وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ). جاء في خطبة من خطب نهج البلاغة : «كان عيسى يتوسد الحجر ويلبس الخشن ، ويأكل الجشب ، وكان أدامه الجوع ، وسراجه بالليل القمر ، وظلاله في الشتاء مشارق الأرض ومغاربها ، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم ، ولم تكن له زوجة تفتنه ، ولا ولد يحزنه ، ولا مال يلفته ، ولا طمع يذله ، دابته رجلاه ، وخادمه يداه».
ومع هذا لم يسلم من اليهود ، فحاولوا قتله ، ووصفوه بالكذب والسحر ، وألصقوا بأمه العار ، لا لشيء إلا لأنه نطق بالحق ، ودعاهم اليه ، وأمرهم به .. ولا يختص هذا باليهود ، فإن كثيرا من الناس ينصبون العداء لمن يرشدهم إلى الخير ، ويتمنى لهم الهداية.
(وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ). يطلق الوحي على معان ، منها الإلهام ، كما في قوله تعالى : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) ـ ٦٨ النحل». وقوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِ) ـ ٧ القصص». وهذا المعنى هو المراد بقوله : (أوحيت الى الحواريين).
وتسأل : لما ذا ذكر الله سبحانه عيسى بنعمه عليه من دون الأنبياء ، مع ان فضله ونعمه عليهم لا يبلغها الإحصاء؟
الجواب : ان الله سبحانه أجمل الخطاب مع الرسل ، وفصله مع عيسى لأن
__________________
(١). أراد هذا المتزلف أن يفضل عيسى على محمد بطرف خفي .. ولكن للذين شاهدوا محمدا عرفوا من هو؟. انظر فقرة بين حورايي محمد وحواريي عيسى عند تفسير الآية التالية ١١٣.