المعنى :
(وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله). ان الله سبحانه لم يقصد بهذا السؤال عيسى بالذات ، لأنه يعلم ما قال عيسى للناس ، وإنما قصد به اقامة الحجة على من ادعى لعيسى وأمه هذه الدعوى الكافرة (قال سبحانك) أنت منزه عن الشريك (ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق) لأنه نبي ، والنبي معصوم عن الزلل ، وقد بعث لمحاربة الشرك ، والدعوة إلى التوحيد ، فكيف يدعي الألوهية لنفسه ، ويدعو الناس لعبادته.
(إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ). استشهد على براءته من شركهم بعلم الله ، وكفى به شاهدا.
(ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم). جاء في إنجيل متى الفصل الرابع ما نصه بالحرف :
«حينئذ خرج يسوع الى البرية من الروح ليجرب من إبليس ، فصام أربعين يوما وأربعين ليلة ، وأخيرا جاع فدنا اليه المجرب ـ أي إبليس ـ قائلا ان كنت ابن الرب فمر أن تصير هذه الحجارة خبزا ، فأجاب قائلا مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله ، حينئذ أخذه إبليس الى المدينة المقدسة وأقامه على جناح الهيكل وقال له : ان كنت ابن الله فألق بنفسك إلى أسفل لأنه مكتوب انه يوصي ملائكته بك فتحملك على أيديها لئلا تصدم بحجر رجلك فقال له يسوع : مكتوب أيضا لا تجرّب الرب إلهك ، فأخذه إبليس أيضا الى جبل عال جدا وأراه جميع ممالك العالم ومجدها ، وقال له : أعطيك هذه كلها ان خررت ساجدا لي ، حينئذ قال له يسوع : اذهب يا شيطان».
هل يصوم الإله؟ ولمن يصوم؟ وهل يجوع ، وهو الرزاق؟ وكيف يجربه إبليس ، وهو علّام الغيوب؟ وكيف استطاع حمله ينتقل به من جبل الى جبل وهو خالقه ، وخالق الكون بكامله؟.