الإعراب :
خلقكم من طين على حذف مضاف ، أي خلق أصلكم ، وأجل مبتدأ ، ومسمى صفة له. وعنده متعلق بمحذوف خبرا للمبتدإ. وهو مبتدأ أول ، والله مبتدأ ثان ، وجملة يعلم خبر المبتدأ الثاني ، والجملة منه ومن خبره خبر المبتدأ الأول. وفي السموات والأرض متعلق بيعلم.
المعنى :
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ). هذه الآيات الثلاث من الآيات الكونية الدالة على وحدانيته وعظمته ، وتشير الآية الأولى الى خلق السموات والأرض ، والظلمات والنور ، والثانية الى خلق الإنسان وبعثه بعد الموت ، والثالثة إلى علم الله واحاطته بكل شيء.
ومعنى الحمد الثناء ، وقوله تعالى : الحمد لله يريد به التعليم ، أي قولوا يا عبادي الحمد لله ، والثناء على الله حسن على كل حال ، حتى عند الضراء ، لأنه أهل للتقديس والتعظيم .. فان أصابتك مصيبة ، وقلت عندها : الحمد لله فإنك تعبر بذلك عن صبرك على الشدائد ، وإيمانك القوي الراسخ الذي لا يزعزعه شيء ، ويتأكد حسن الحمد ورجحانه عند السراء ودفع البلاء ، لأنه شكر لله على ما أسبغ وأنعم.
ووصف الله سبحانه نفسه بخالق السموات والأرض والظلمات والنور لينبه العقول إلى أنه لا شريك له في الخلق والألوهية ، فيكون هو وحده الجدير بالحمد والإخلاص له في العبودية (ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ). ومحل التعجب والغرابة ان هذا الكون العجيب بأرضه وسمائه ، وهذه البينات الواضحة ، والدلائل القاطعة لم تخترق ذاك الظلام الكثيف على عقل المشرك وقلبه الذي أعماه عن الحق ، وصور له ان لله مساويا في استحقاق الحمد والعبادة.
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ). أي خلق أصلكم ، وهو آدم ، وآدم من تراب وماء ، أو خلق مادة كل فرد من البشر من طين ، لأنه من لحم ودم ،