كيانه من الأساس ، ومن خسر كيانه لا يكون من الايمان في شيء.
(وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ). أي انه تعالى هو المالك لكل شيء. وتسأل : لقد دل على هذا المعنى قوله تعالى في الآية المتقدمة : (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ) فما هو الوجه لهذا التكرار؟
وأجاب المفسرون بأن الآية الأولى استقصت الخلق من حيث الزمان ، والثانية من حيث المكان ، وهما ظرفان لكل موجود ماديا كان ، أو معنويا ، فحصل العموم والشمول بالآيتين جميعا ، وعقّب سبحانه بصفتي السمع والعلم تأكيدا لهذه الاحاطة.
وتقدم أكثر من مرة ان التكرار في القرآن غير عزيز ، ولكن المفسرين يحاولون أن يأتوا بشيء ، وإن لم تدع الحاجة اليه.
(قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا)؟ وكيف استعين بغيره ، وهو (فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ). ومن دونه لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا (قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ). لأن محمدا (ص) هو الداعي الأول إلى الإسلام ، فيكون هو المسلم الأول من أمته ، والا كان من الذين يأمرون ولا يأتمرون .. حاشا من اصطفاه الله لرسالته. (وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). ومحال أن يكون منهم ، وإنما صح هذا النهي لأنه موجه من الأعلى إلى من هو دونه ، كما قلنا أكثر من مرة.
(قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ). المعصية من النبي محال لمكان العصمة ، ولكن فرض المحال ليس بمحال .. والغرض تقرير أو تأكيد مبدأ المساواة بين الناس جميعا أمام الله ، وانه خلق تعالى الجنة لمن أطاعه ولو كان عبدا حبشيا ، والنار لمن عصاه ولو كان سيدا قرشيا .. ويأتي الخوف من الله سبحانه على قدر العلم بعظمته : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ـ ٢٨ فاطر وبالأولى الأنبياء.
(مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ). كل من يخاف الهول الأكبر يرى النجاة منه رحمة كبرى ، وفوزا لا شيء أعظم منه.