إلا بالعمل ، واما النقل فقد تجاوز حد التواتر ، من ذلك قوله تعالى : (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) ـ ١٠ الجمعة. وقوله : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) ـ ١٥ الملك. وفي الحديث : سافروا تغنموا .. تداووا فان الذي أنزل الداء أنزل الدواء. وعليه ، فمن قصر في السعي ، ومسه الضر فهو المسئول ، ومن سعى من غير تقصير ومسه الضر تقع المسئولية على مجتمعه الفاسد في أوضاعه وأحكامه ، وإن كان المجتمع الذي يعيش فيه صالحا فقد تضرر بقضاء الله وقدره.
ثانيا : إن الله سبحانه لا يريد الضرر لأحد من عباده ، كيف؟ وهو القائل : (وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) ـ ٢٩ ق. والقائل : (وَاللهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ) ـ ٢٠٧ البقرة. وفي الحديث : إن الله أرحم بعباده من الوالدة بولدها. وعلى هذا يكون المراد بالضر في الآية ما يجازى به العبد على عمله ، أو امتحانا لمصلحته وما إلى ذلك مما لا يتنافى مع عدل الله ورحمته. وتكلمنا عن الرزق مفصلا عند تفسير الآية ١٠٠ من سورة المائدة ، فقرة هل الرزق صدفة أو قدر؟
(وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). أي لا رادّ لخيره وفضله ، قال الرازي : ذكر الله في الخير انه على كل شيء قدير ، وفي الضر انه لا كاشف له إلا هو ، ذكر ذلك للدلالة على ان إرادة الله لإيصال الخيرات غالبة على إرادته لإيصال المضار.
(وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ). والقاهر يشير إلى قدرة الله والخبير إلى علمه. وقهر الله عباده بإيجادهم دون إرادة منهم ، وقهرهم أيضا بالموت والفناء ، قال ابن العربي في الفتوحات المكية : إن الله سبحانه قهر عباده لأنهم نازعوه وخاصموه في مخالفتهم لأحكامه ، ومن خاصم الله فهو مقهور ومغلوب لا محالة.
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً). جاء في بعض الروايات : ان مشركي مكة قالوا للنبي (ص) : إن اليهود والنصارى لا يشهدون لك بالنبوة ، فأرنا من يشهد لك بها ، فأنزل سبحانه (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً). أي سلهم يا محمد من