وفاحصة يؤمن ايمانا لا يشوبه ريب بأنه الحق والصدق ، وانهما جوهر الإسلام ور كيزته وهدفه من كلمة (لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) التي تعني المساواة بين الناس الى تقييم الإنسان على أساس العمل والإخلاص ، لا على أساس المال والجاه والنسب ، ومن التكافل الاجتماعي ومسؤولية كل راع عن رعيته الى دعوة الأمن والسلام ، والتقدم والرخاء ، الى ما لا نهاية.
(الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) مر تفسيره قريبا في الآية ١٢ من هذه السورة. (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً). المراد بالظلم هنا الكفر ، لأن كل من افترى الكذب على الله فهو كافر .. لا فرق إطلاقا بين من جعل له شريكا ، ومن حرف حكما من أحكامه عن عمد وعلم ، ومن ادعى النيابة عن المعصوم ، أو الشفاعة للخلق عند الحق ، وهو يعلم انه مفتر كذاب ـ كل هؤلاء كفرة فجرة اجماعا وكتابا وسنة. (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).أشارت الجملة الأولى من الآية الى من يختلق ما لا وجود له ، كمن جعل لله شريكا أو ولدا. وتشير هذه الجملة الى من ينكر الموجود ، كمن يجحده من الأساس ، وحكم الاثنين واحد ، كل منهما ظالم ، وما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع.
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ). المؤمنون بالله على نوعين : منهم من يؤمن بألوهيته وتوحيده ، ويسمون الموحدين ، ومنهم من يؤمن بألوهيته وألوهية غيره ، وهؤلاء أفسدوا ايمانهم بهذه الضميمة ، وصاروا والجاحدين سواء ، لأن جعل المثيل لله معناه في الواقع انكار الله من رأس ، إذ المفروض ان الله سبحانه لا شبيه له ولا مثيل : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) ـ ١١ الشورى.
وسيواجه الله المشركين بهذا السؤال : أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون ، وتستعينون بهم كما تستعينون بالله ، سيواجههم بهذا السؤال على سبيل التوبيخ والتقريع ، لا على سبيل الحقيقة.
وتسأل : لما ذا قال تعالى : أين شركاؤكم ، ولم يقل أين شركائي ، مع العلم بأن الكافرين أضافوا الشركاء اليه ، لا اليهم؟.