الجواب : إن الاضافة تصح لأدنى مناسبة ، والمشركون هم الذين ابتدعوا الشرك الذي لا عين له ولا أثر في حقيقة الأمر والواقع.
(ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). المراد بالفتنة هنا شركهم وافتتانهم بالأوثان ، والمعنى كانت عاقبة الشرك الذي ابتدعوه هي يمينهم الفاجرة انهم ما كانوا مشركين.
وتسأل : إن قوله تعالى حكاية عنهم : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يتنافى مع قوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً) ـ ٤٢ النساء. هذا ، إلى أن المعروف ان الإنسان لا يستطيع الكذب يوم القيامة.
الجواب : إن في القيامة العديد من المواقف ، يستطيع الإنسان في بعضها الإنكار ، حيث لم يشهد عليه في هذا الموقف يداه ورجلاه بما كان يعمل ، وعلى هذا الموقف يحمل قوله تعالى : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ). وفي بعض المواقف يعترف بما كان منه ، حيث لا مجال للإنكار ، وعليه يحمل قوله : (وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً).
أما القول : إن الإنسان يعجز عن الكذب إطلاقا يوم القيامة فتكذبه الآية ١٨ من سورة المجادلة : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ).
سؤال ثان يتفرع من الجواب عن السؤال الأول ، وهو إذا قدر الإنسان غدا على الكذب ، بل والقسم عليه بالله أيضا ، تماما كما هو شأنه في هذه الحياة ، إذا كان الأمر كذلك فما هو الوجه لتسمية الآخرة بدار الصدق ، وتسمية دارنا هذه بدار الكذب؟.
الجواب : المراد بهذه التفرقة بين الدارين ان الكذب في هذه الدار قد يدفع عن صاحبه ضرا ، أو يجلب له نفعا ، أما في الدار الآخرة فلا يغنيه عن الصدق شيء .. وبكلمة ان العجز عن الكذب شيء ، والقدرة عليه مع عدم جدواه شيء آخر.
(انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ). الخطاب موجه للنبي (ص) ، والمراد به العموم ، وهو تعجب من انكارهم الشرك ، وقد ماتوا عليه .. وكل من