لأنه مضاف الى الايمان ، وهي بمعنى القسم. (وَما يُشْعِرُكُمْ إِنَّمَا) استفهام في موضع رفع بالابتداء ، ويشعركم خبر. وأول مرة ظرف زمان متعلق بلم يؤمنوا به.
المعنى :
(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ فَيَسُبُّوا اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ). قالوا : كان المسلمون يسبون أصنام الكفار ، فيجيبهم الكفار بسب الله جل ثناؤه ، وهذا القول ليس ببعيد ، فكثيرا ما يقع ذلك بين المختلفين في الدين ، ولفظ الآية لا يأباه ، بل روي عن الإمام جعفر الصادق (ع) : انه سئل عن قول النبي (ص) : ان الشرك أخفى من دبيب النمل على صفوانة سوداء في ليلة ظلماء؟. قال : كان المؤمنون يسبون ما يعبد المشركون من دون الله ، فكان المشركون يسبون من يعبد المؤمنون ، فنهى المؤمنين عن سب آلهتهم لكيلا يسب الكفار إله المؤمنين ، فكأنّ المؤمنين قد أشركوا من حيث لا يعلمون .. وقوله تعالى : بغير علم. اشارة إلى جهالة المشركين وسفاهتهم .. وفي الآية دلالة واضحة على ان ما كان ضره أكثر من نفعه فهو محرم ، وان الله لا يطاع من حيث يعصى.
(كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ). المعنى الظاهر من هذه الجملة ان الله سبحانه كما زين للمسلمين أعمالهم كذلك زين لغيرهم أعمالهم ، حتى المشركين .. وليس من شك ان هذا المعنى غير مراد ، لأن الشيطان هو الذي يزين للمشركين والعاصين الشرك والعصيان بنص الآية ٤٣ من الأنعام : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ). بالاضافة إلى أن الله سبحانه لا يأمر عبده بالكفر ويزينه اليه ، ثم يعاقبه عليه ، بل العكس هو الصحيح ، قال تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) ـ ٧ الحجرات.
ومن أجل هذا نرجح حمل الآية على ان الله خلق الإنسان على حال يستحسن معها ما يأتيه من أعمال ، ويجري عليه من عادات ، ووهبه عقلا يميز به بين الأعمال الحسنة والقبيحة ، ولو خلقه على حال يستقبح معها جميع أعماله لما عمل