منه أبلغ من النهي عنه بالذات ، ويعم جميع وجوه التصرف ، كما ان التي هي أحسن أبلغ من التي هي حسنة ، والمعنى المقصود هو التشدد في شأن أموال كل قاصر عن التصرف في أمواله إلا على الوجه المألوف يتيما كان أو مجنونا أو سفيها أو غائبا أو صغيرا يتولى أبوه شئونه المالية ، وان على أولياء هؤلاء أن يحافظوا على أموال القاصرين ، ويدبروها لمصلحتهم ، ومن هنا ذهب جماعة من كبار الفقهاء الى أن تصرفات الولي في مال القاصر لا تنفذ إلا مع الغبطة والمصلحة ، ونحن على هذا الرأي ، حتى ولو كان الولي أبا أو جدا لأب ، ودليلنا كلمة أحسن. أما حديث : أنت ومالك لأبيك فهو حكم أخلاقي لا شرعي بدليل كلمة انت فان الابن ليس سلعة يملكها الأب.
وتسأل : ان كلمة اليتيم يختص بمن مات أبوه ، وهو صغير ، فكيف جعلتها عامة تشمل كل قاصر؟.
الجواب : نحن نعلم علم اليقين ان السبب المبرر لوجوب التصرف بالتي هي أحسن هو القصور ، وليس اليتم بما هو يتم ، والقصور متحقق في الجميع من غير تفاوت.
(حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) وتجد تفسيره في الآية ٥ من النساء : (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) وتقدم تفسيرها في ج ٢ ص ٢٥٦.
٧ ـ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ) بعتم أو اشتريتم (لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) هذه جملة معترضة ، والقصد منها التنبيه الى ان الوفاء المطلوب بالكيل والميزان هو الوفاء الممكن المعروف بين الناس ، وهم يتسامحون بزيادة ما قل أو نقصانه ، لأن مراعاة الحد العادل فيه نحو من العسر والحرج (وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ). وعلى أية حال ، فإن الأساس في شتى أنواع التجارة هو رضى الطرفين ، سواء أكانت السلعة مما يكال أو يوزن أو يعد أو يذرع ، أو يقدر بالفكر كالكتاب ، أو النظر كالقطعة الفنية.
٨ ـ (وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) هذا هو المحك لمن يخاف الله ويخلص له ويشعر أمامه بالمسؤولية ، لا أمام زوجة أو أب أو أم أو ابن