إشعارا بأن الإحسان اليهما يجب أن يكون فريدا في بابه .. فكأنه قال : لا تشركوا بالله ، ولا تشركوا بالإحسان إلى الوالدين إحسانا. وتكلمنا بشبهه عن البر بالوالدين عند تفسير الآية ٨٣ من سورة البقرة ج ١ ص ١٤١.
٣ ـ (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ). بعد ما أوصى الأبناء بالآباء أوصى الآباء بالأبناء. وسبق الكلام عن ذلك عند تفسير الآية ١٣٧ من هذه السورة.
٤ ـ (وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ). كل ما تجاوز الحد في القبح فهو فحش ، ومنه الزنا واللواط والظلم والتهتك والتبرج ، والكذب والغيبة والنميمة واللؤم والحسد ، وأعظم الفواحش كلها الإلحاد والشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس المحترمة ، وأكل مال اليتيم ، وإنما أفرد الله هذه بالذكر ، مع انها تدخل في الفواحش للتنبيه إلى انها قد بلغت الغاية والنهاية من القبح والفحش ، سواء اقترفت سرا أم علانية ، وعن ابن عباس ان أهل الجاهلية كانوا يكرهون الزنا علانية ، ويفعلونه سرا ، فنهاهم الله عنه في الحالين.
وعن رسول الله (ص) انه قال : الا أخبركم بأبعدكم مني شبها؟ قالوا : بلى يا رسول الله. قال : الفاحش المتفحش البذيء البخيل المختال الحقود الحسود القاسي القلب البعيد عن كل خير يرجى غير مأمون من كل شر يتقى.
٥ ـ (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ). الأصل في قتل النفس التحريم ، ولا يحل إلا بسبب موجب ، وهو واحد من أربعة : نصت السنة النبوية على ثلاثة منها ، وهي قوله (ص) : لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد ايمان ، وزنا بعد إحصان ، وقتل نفس بغير حق. ونص الكتاب على السبب الرابع في الآية ٣٣ من سورة المائدة : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا). (ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) أي تعرفون قبح الشرك وقتل النفس والفواحش ، وحسن البر بالوالدين.
٦ ـ (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ). والنهي عن القرب