المعنى :
(يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ). خلق الله سبحانه آدم وذريته ، وسنّ لهم منهجا يسيرون عليه ، وأرسل اليهم من يبلغهم إياه ، وجعل الرسل المبلغين من أبناء جنس المرسلين اليهم ، لأن ذلك ادعى في التأثير ، وأبلغ في الحجة ، فمن سمع وأطاع فهو في أمن وأمان من غضب الله وعذابه (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ). كان أستاذنا رضي الله عنه وأرضاه يقرأ لتلاميذه مقطعا مقطعا من الكتاب المقرر للتدريس ، ويشرحه لهم بكلام يفهمه كل الناس ، فإذا كان المقطع واضحا ومفهوما للجميع علق عليه بكلمة : توضيح الواضحات من أشكل المشكلات. ومشى الى غيره.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) تقدم في سورة الأنعام الآية ٢١. (أُولئِكَ يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) أولئك اشارة إلى من تقدم ذكرهم ، وهم الذين اختلقوا في ما لا وجود له ، وكذبوا بما هو موجود ، والمراد بالكتاب النصيب المكتوب من الآجال والأرزاق ، والمعنى ان الله يدع الكاذبين والمكذبين يستوفون ما كتب لهم في هذه الحياة من العمر والرزق (حَتَّى إِذا جاءَتْهُمْ رُسُلُنا) وهم ملائكة الموت (يَتَوَفَّوْنَهُمْ قالُوا أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ) أي أين الآلهة التي كنتم تعبدونها؟ (قالُوا ضَلُّوا عَنَّا) لا نحن نعرف أين هم؟. ولا هم يأتون لخلاصنا من العذاب (وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) والاعتراف بالذنب يجدي حيث يمكن اخفاؤه والفرار من الجزاء عليه ، أما بعد ظهوره كالشمس ، وحين تنفيذ العقوبة فلا يجدي الاعتراف والندم شيئا.
بعد ان يشهد الكافرون على أنفسهم تنتهي المحاكمة ، ويصدر الحكم عليهم بعذاب الحريق.
(قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ). المراد بالأمم أهل الملل الكافرة ، أي ان الله يقول لمن كفر بنبوة محمد (ص) : ادخلوا النار جزاء على كفركم ، كما دخلها من كذّب بالأنبياء من قبلكم.