غافر : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ) فيجيب الخزنة : (أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ).
وبعد اليأس من الخزنة يستغيثون بالله رب العالمين ، وقد كان أهون شيء عليهم في ساعة اليسر والرخاء : (قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ. رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ) فيجيبهم الباري جل اسمه : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ) ـ ١٠٨ المؤمنون.
(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) تقدم تفسيره في سورة الأنعام الآية ٧٠ (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) المراد بالنسيان هنا الإهمال : (وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا) والمعنى يهملهم الله يوم القيامة كما أهملوا العمل له ، وكما جحدوا ما أنزل على رسله من الآيات والحجج.
(وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ). ذكر سبحانه فيما سبق أهل الجنة ، وأهل النار ، وأهل الأعراف ، وهذه الآية والتي تليها مختصتان بأهل النار الذين غرتهم الحياة الدنيا .. قال سبحانه : لقد جئنا هؤلاء بالقرآن يهدي الى الرشد ، ويبين عن علم ما يحتاج اليه الناس في معاشهم ومعادهم ، وضمن لمن آمن وعمل بتعاليمه الهداية الى الخير في الدنيا ، ورحمة الله وثوابه في الآخرة.
أما من أعرض ، واتبع هواه فمآله جهنم وساءت مصيرا (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) ينظرون أي ينتظرون ، وضمير تأويله يعود الى الكتاب ، ومعنى تأويله هنا ان كل ما نطق به القرآن يؤول أمره الى الوقوع لا محالة (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ) بوقوع ما أخبر عنه ، ويتبين للكافرين صدقه بالعيان (يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) قالوا هذا بعد أن شاهدوا العذاب ، ومن قبل قالوا للرسل : سحرة مفترون .. وأيضا قالوا بعد أن رأوا العذاب : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) عند الله في غفران خطايانا ، ولا يعاملنا بما نستحقه من الخزي والعقوبة.