المعنى :
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ). مر نظيره في الآية ٥٩ من هذه السورة. وشعيب من أنبياء العرب كهود وصالح ، وأهل مدين عرب ، وكانوا يسكنون أرض معان من أطراف الشام.
(قَدْ جاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ). البينة كل ما يتبين به الحق ، سواء أكان برهانا عقليا ، أم معجزة خارقة للعادة ، وليس من شك ان شعيبا قد جاء قومه بمعجزة تدل على نبوته ، والا كان متنبئا ، لا نبيا. ولا نص في القرآن يدل على نوع هذه المعجزة ، فتعيينها بالذات كما في بعض التفاسير قول على الله بغير علم.
(فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ). ويومئ هذا النص إلى انهم كانوا يسيئون المعاملة في البيع والشراء ، وان ذلك كان فاشيا فيهم ، ولذلك أمرهم بايفاء الكيل والميزان بعد أن أمرهم بتوحيد الله ، ثم أمرهم بالعدل وعدم البخس في جميع الحقوق مادية كانت كالمبيعات ، أو معنوية كالعلم والأخلاق ، فلا يصفون العالم بالجهل ، والأمين بالخيانة.
(وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها). مر تفسيره في الآية ٥٦ من هذه السورة ، فقرة الله أصلح الأرض والإنسان أفسدها (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ذلك إشارة إلى الخمسة المتقدمة ، وهي عبادة الله ، والوفاء بالكيل والوزن وعدم البخس والإفساد.
(وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَها عِوَجاً). هذا بيان وتفسير لقوله : ولا تفسدوا في الأرض لأن معناه دعوا الناس وشأنهم ، ولا تلقوا عليهم الشبهات ، ولا تتوعدوهم وتهددوهم ان أرادوا الإيمان بالله ورسوله ، ولا تمنعوا من آمن أن يقيم شعائر الدين ، وتصدوه عن طريق الله القويم ، وتحاولوا أن تحملوا الناس على سلوك الطريق العوجاء التي تسيرون عليها .. وأوضح تفسير لهذه الآية وأوجزه ما روي عن ابن عباس انهم كانوا يقعدون على الطريق ، ويخوفون الناس أن يأتوا شعيبا ، ويقولون لهم انه كذاب ، فلا يفتننكم عن دينكم.
(وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ). جعلهم الله أغنياء بعد أن كانوا فقراء ،