(أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ)؟. هذا تخويف وإنذار منه تعالى للمتمردين والمستأثرين أن يفاجئهم الله بعذابه ، وهم في غفلة من غفلاتهم ، كما فعل بمن كان قبلهم .. وهل يملك الإنسان أن يدفع عنه قضاء الله في صحوه وحذره؟ فكيف يملكه ، وهو أشبه بالموتى؟.
(أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ)؟ ويلعبون هنا كناية عن ذهولهم عن المفاجئات والمخبآت ، وعن محاسبتهم لأنفسهم. وتسأل : لا فرق أبدا بين يقظة الإنسان وغفلته أمام بأس الله ، فما هو القصد من ذكر النوم واللعب؟.
الجواب : ان يتنبه الإنسان إلى جهات الضعف فيه لعله يتذكر أو يخشى.
(أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ). المراد بمكر الله هنا العذاب الذي يأتيهم بغتة دون سابق إنذار ، وسبق الكلام عن مكر الله تعالى في تفسير الآية ٥٤ من آل عمران ج ٢ ص ٦٨ وانه سبحانه يصف نفسه بالماكر لأنه يبطل مكر الماكرين ، وبالشاكر لأنه يثيب الشاكرين ، وبالتواب لأنه يقبل من التائبين .. أما انهم الخاسرون فلأنهم أوقعوا أنفسهم في الخسران بسبب عنادهم واستهتارهم.
(أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ). أي ان هؤلاء المشركين الذين ورثوا الأرض ممن أهلكناهم بذنوبهم ، وقد كانوا أشد منهم قوة ـ ان هؤلاء المشركين ألم يتبين لهم ان شأننا فيهم تماما كشأننا فيمن كان قبلهم لو نشاء أصابهم عذابنا كما أصاب غيرهم من قبل؟ .. فان سنة الله واحدة في جميع خلقه .. والغرض من هذه المبالغة في النصيحة والتحذير أن يراقب الإنسان نفسه ، ولا يذهل عنها ، وان يتعظ بغيره ، ولا يغتر بالمظاهر الجوفاء .. ولكن : (وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ) ـ ١٠١ يونس.
(وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ). تقدم الكلام عنه في الآية ٧ من سورة البقرة ج ١ ص ٥٣.