في الكون له سلطان على قلبه ، ولكنه منطق الطغاة (إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ). يوجه فرعون بقوله هذا التهمة إلى السحرة بأن ايمانهم بموسى لم يكن عن حجة واقتناع ، وانما هو مجرد حيلة وخديعة تواطئوا عليها مع موسى من قبل ، وان الغاية من هذا التواطؤ إخراج الحاكمين من مصر وانتزاع الملك منهم .. قال هذا فرعون ، وهو يعلم انه كاذب في قوله ، ولكن أراد التمويه على الناس خوفا أن ينتقضوا عليه ، ويؤمنوا بموسى ، ولكن الناس يعلمون ان السحرة كانوا يؤلهون فرعون ، ويمكنونه من رقاب العباد باسم الدين ، وان السحرة لم يؤمنوا الا عن بصيرة واقتناع ، وأيضا يعلم الناس ان موسى لم يجتمع بواحد من السحرة ، لأن فرعون جمعهم من هنا وهناك.
(لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ). هذا هو سلاح الطغاة في مواجهة الحق ، قال المسعودي في مروج الذهب : جمع معاوية الناس في سنة ٥٩ ه ليبايعوا ولده يزيد ، فقام رجل من الأزد خطيبا ، وقال : ان مات هذا ـ مشيرا الى معاوية ـ فهذا مشيرا إلى يزيد ، ومن أبى فهذا ، وهز السيف. فقال له معاوية : اقعد أنت من أخطب الناس.
(قالُوا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ). افعل ما شئت فلا نأبه بك ولا بقتلك فنحن على يقين من لقاء ربنا وعدله .. وكل من يؤمن بلقاء الله يقف هذا الموقف ، بل يرى الاستشهاد سعادة ووسيلة لمرضاة الله وثوابه ، أما الذين يخافون الموت في سبيل الله ، ويتهربون منه فهم يؤمنون بلقاء الله نظريا فقط ، أما عمليا فإنهم به كافرون.
(وَما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا). ان قولهم هذا يتضمن التهديد لفرعون ، لأن معناه انك لا تنقم منا نحن ، وانما أنت تنقم من الله ورسوله بالذات ، لأنه لا ذنب لنا إلا الإيمان بالله ورسوله موسى : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ) ـ ٦٤ التوبة.
(رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً). في هذا الموقف يحمد الصبر على القتل والتعذيب